الأمين القطري للحزب الرفيق بشار الأسد يلتقي فرع طرطوس ويضع حزمة مهام نوعية أمام كوادر البعث
دور رقابي في الـمـؤسسات والأحياء ومساهمة فـاعلة في مـحـاربـة الـفـسـاد
تــحـــديـــد اتــجــاهـــات الـبوصـلة الـوطنــيـة وإنتـاج لـغـة حــوار جديدة
ارتفاع مستوى التسييس في المجتمع السوري والنزوع نحو الاعتدال عزز حـضـور الــحـزب بـيـن الـجـمــاهـيـر
دمشق – ناظم عيد – عمر مقداد:
وضع الأمين القطري للحزب الرفيق بشار الأسد حزمة مهام نوعية بمسارات واقعية وأبعاد استراتيجية، أمام كوادر حزب البعث العربي الاشتراكي على مستوى القيادات والقواعد، تتماهى مع وقائع المرحلة الراهنة وملامح المرحلة المقبلة ومتطلبات المقاربة الفاعلة للأولويات العامة للدولة والمجتمع.
وأكد الرفيق الأمين القطري، أمس لدى لقائه كوادر حزب البعث في محافظة طرطوس، المحافظة التي وصفها بأنها “أذهلت الجميع بتماهيها مع الوطن والمعاني الوطنية”، أن الحزب بات الآن وبعد سنوات الأزمة حاجة للمواطن كحزب عقائدي منفتح على الجميع وجزء من ظاهرة طبيعية اسمها العروبة، لافتاً إلى أن القناعات الجديدة بالدور الحيوي للحزب لا تسمح بالاسترخاء، بل من شأنها ترتيب مسؤوليات جديدة، في ظل ارتفاع مستوى التسييس لدى المواطن السوري، بشكل يتيح للحزب دوراً أكبر باتجاه استقطاب أعداد جديدة إلى صفوفه، ولا سيما أمام حقيقة الانعطاف الملحوظ في المجتمع السوري باتجاه الاعتدال، والقناعات المتزايدة بأن مصلحة الكثير من الشرائح باتت مع الحزب بأدبياته ونهجه.
وحدّد الرفيق الأمين القطري مجموعة التحديات الماثلة أمام الدور الجديد للحزب، مشدّداً على ضرورة إنتاج لغة جديدة مواكبة لمستوى التسييس الحاصل في المجتمع على خلفيات الأزمة، انطلاقاً من حقائق الحماس الشعبي للحزب كعقيدة ومحتوى فكري، والرفض لبعض آليات عمله، الأمر الذي يملي حتمية تبديل آليات العمل والتعاطي على مختلف المستويات، معتبراً أن أمام الحزب إمكانية كبيرة لتحقيق ذلك كونه يمتلك مشروعاً فكرياً وسياسياً واضحاً.
وشدّد الرفيق الأمين القطري على تفعيل أدوات ومسارات الحوار الحقيقي والمكثف داخل جسم الحزب كشرط لازم لمحاورة الآخر، والبدء بنقاش نقاط إشكالية – جدلية تحتاج إلى حسم وبلورة أفكار واضحة بشأنها، وإيلاء أهمية بالغة للجانب التحليلي والابتعاد عن الكلام السطحي، في ظل التدفق الهائل للمعطيات والتفاصيل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. فهناك تحوّلات ملحوظة على مستوى تفكير العامة، وتيارات جديدة تظهر بشكل متوالٍ لابد من الحرص في التعاطي معها، لافتاً إلى أن ذلك يجب أن يُبنى على أساس التواصل السلس بين الهرميات الحزبية وخلق شبكة تواصل فعّالة تتيح مشاركة كل عضو عامل في تقييم القيادات من الأدنى إلى الأعلى، والإدلاء بالآراء والأفكار والمقترحات، وبشكل يوصل إلى أفضل الخيارات ويقلّص دائرة الفساد التي تنحسر كلما اتسعت دائرة المشاركة.
وركز الرفيق الأمين القطري للحزب على دور البعثيين في مراقبة الأداء ومكافحة الفساد والمشاركة الفاعلة على المستوى التنفيذي كامتداد لدور ومسؤولية الحزب في المؤسسات وعلى مستوى الأحياء، وقدرته على الرصد والمتابعة والمساهمة في التخلص من الفاسدين والانتهازيين.
وتوقف الرفيق الأمين القطري عند الجانب المتعلق بعائلات الشهداء، مؤكداً أن لهؤلاء أولوية خاصة، وأن الدولة تقدّم أشكالاً مختلفة من الدعم، مشدّداً على ضرورة تواصل الحزب مع المبادرات الشعبية الهادفة إلى مساعدة أسر الشهداء، ودعم هذه المبادرات.
وفي الجانب السياسي ومجريات الحرب على سورية، أكد الرفيق الأمين القطري للحزب أن المرحلة الراهنة هي الأكثر تعقيداً لأنها مشوشة الأفق بعد ظهور “داعش” وظهور تناقضات واضحة بين كل الأطراف، وشدد على أن التنظيمات الإرهابية المسلحة ظهرت نتيجة تراكم السياسات الخاطئة والعدوانية من قبل أطراف الحرب على سورية، والتي كرست دعم وتسليح وتمويل المنظمات الإرهابية والتكفيرية بهدف تدمير سورية وضرب وحدة الشعب السوري وأمنه واستقراره. موضحاً جملة من الحقائق الجديدة والمتغيّرات الإيجابية في الموقف الدولي والتحوّلات النوعية في القناعات الحاصلة بما يتماهى مع الرؤية السورية لمجمل المشهد السياسي والميداني بأبعاده كافة، وأضاف: إن جزءاً مما نشهده اليوم في بلادنا هو حرب فكرية إقصائية وتتطلب منّا المواجهة بالفكر وليس فقط من خلال التصدي للإرهابيين على الأرض.
وأكد الرفيق الأمين القطري أن قواتنا المسلحة تواصل التصدي للتنظيمات الإرهابية المسلحة بمختلف مسمياتها، وشدد في الوقت نفسه على أهمية مسيرة المصالحات الوطنية، وقال: إن أي جهد دولي يجب أن يصب في إطار تعزيز هذه المصالحات والضغط على الدول الداعمة للإرهابيين بالمال والسلاح لوقف ذلك.
وفي معرض ردّه على مداخلات وأسئلة الحضور، أكد الأمين القطري للحزب الرفيق بشار الأسد على أهمية المشاريع الاقتصادية الصغيرة التي تدعم العائلات من جانب، وخاصة ذوي الشهداء، وتدعم الاقتصاد الوطني بالمجمل، وهناك تجارب ناجحة في هذا الشأن، وخاصة في طرطوس، وكانت نتائجها مشجّعة كثيراً، والمهم أن يتم تعزيزها أكثر.
وبخصوص علاقة القيادات الحزبية القاعدية مع الإدارة المحلية وحتى على المستوى الأعلى، لفت إلى أهمية أن يمارس الحزب دوره في الرقابة والمتابعة والتصويب، وهذا يجعله قريباً أكثر من هموم الناس، مشيراً إلى أن دور المؤتمرات الحزبية أن تختار قيادات حزبية جيدة على مستوى الفرقة والشعبة والفرع لتقوم بدورها في الرقابة والمتابعة.
وبشأن دور المنظمات الشعبية والنقابات المهنية، اعتبر الأمين القطري للحزب أنها الذراع الأقوى لتنفيذ سياسات الحزب، ويجب أن نكون فاعلين فيها، وأن تكون قياداتها مؤهلة وكفوءة، ونستطيع من خلالها أن نؤدّي دورنا بشكل أكثر فعالية في الدولة والمجتمع.
وبخصوص مكافحة الفساد، أكد أن الأهم هو تقديم آليات معالجته في المظاهر والمناطق التي يظهر فيها، لا أن نكتفي بالحديث عنه، وهنا يأتي دور الجهاز الحزبي في الإشارة إليه بشكل سريع للمعالجة الفورية.
وبشأن الإصلاح الإداري، أكد إيلاء هذا الموضوع أهمية قصوى من خلال إحداث وزارة التنمية الإدارية، وقريباً هيئة الخدمة العامة، والمهم هنا كيف نصل إلى قيادات فعلية وحقيقية قادرة على العمل، وما هي المعايير التي يجب أن نتبعها، وهذه مهمتنا جميعاً، ولذلك أحدثنا وزارة بحقيبة تتولى هذا الجانب.
ولفت إلى أهمية الدعم النفسي لذوي الشهداء والجرحى، وتقديم ما يلزم من اهتمام بهم، والتواصل مع المبادرات الفرعية والمجتمعية التي تتم في مختلف المناطق ومن سوريين في الداخل والخارج لدعم هؤلاء.
وبشأن افتتاح جامعة في طرطوس، أكد أن التوجه العام هو للتوسع في إقامة الجامعات الحكومية في كل المحافظات، وأننا نعمل على ذلك من إعداد البنية التحتية وافتتاح كليات والتوسع فيها ومراعاة عدد الطلاب فيها، وعندما تكون المعايير مناسبة نقوم بإصدار مرسوم إحداثها، وهذا ما حدث مع جامعة حماة.
وبشأن التخفيف من المركزية نحو اللامركزية، لفت الرفيق الأمين القطري للحزب إلى أن هذا التوجّه ندعمه ونعمل باستمرار على التخفيف من المركزية ونفتتح إدارات ودوائر في مختلف المناطق، وهذا له ردّة فعل إيجابية عند الناس.
حضر اللقاء الرفيق المهندس هلال الهلال الأمين القطري المساعد للحزب والدكتور عبد الناصر شفيع عضو القيادة القطرية للحزب رئيس مكتب الفلاحين.