اقتصاد

“مروءة مالية”

لعلّ الأكثرية منا تذكر ذاك الإنسان الممتطي فرسه، وما كانت ردة فعله حين صادف رجلاً ملقى في البادية ينازع الموت، ولكن بعد أن سقاه من صافي وبارد مائه وأجلسه خلفه وسارا، ما كان من الأخير إلاَّ أن أطاح بمسعفه ومنقذه أرضاً وفرَّ بالفرس، حينها ناداه راجياً أن يهنأ بما “غنم” لكنه طالبه بألا يذكر ما حدث بينهما أمام أحد لئلا تضيع المروءة بين العرب.
قصة نستذكرها في هذا الأوقات والظروف، مقاربة منّا لما وافق عليه مجلس الوزراء بالأمس من مقترح تقدمت به وزارة المالية يقضي بتوجيه مؤسستي التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات لتسديد الالتزامات المترتبة على المقترضين من المصارف العامة والمعتبرين بحكم المستقيلين، وذلك بتحويل مبلغ الالتزام من تأميناتهم المقتطعة من أجورهم إلى المصارف المقرضة بدلاً من اقتطاعها من كفلائهم المدنيين.
مروءة مالية يمكن وصفها بالاستباقية تشكر عليها وزارة المالية جداً، فهي -من حيث تدري أو لا تدري– أبقت على تلك المروءة طوعاً أو محاياةً أو مجاملة ما بين المواطنين، في مرحلة وللأسف أصبحنا نسمع وبالصوت الملآن تلك المقولات التي تزعزع التكاتف والتكافل الاجتماعي أس صيانة وحماية المجتمعات من الانهيار وخاصة زمن الحروب والنوائب.
شكراً وزارة المالية لأنك اقترحتِ فعدلتِ ما بين حق الدولة وحق المواطن وما بين مصالح كل منهما، وأصبت إذ استطعتِ ألاّ تضيع الفائدة المحققة بفعل الإقراض على خزينتنا العامة، وفي الوقت ذاته أدمتِ للمكفول أن يسَّرت أمره عبر حماية الكفيل.
شكراً جزيلاً، ولكن كي يكتمل جميل اقتراحك نأمل بتوسيع طرحك ليشمل كل الجهات شبه الحكومية التي تمنح القروض، كالاتحادات والنقابات وغيرها، وعدم اقتصار الأمر على المصارف العامة، مع علمنا بضرورة أن يكون المقترض المكفول والكفيل مسجلين في مؤسستي التأمينات.
وأخيراً، ليس في وسعنا إلاَّ الثناء على هذه الخطوة التي وبحق تستحق وصفها بالمبدعة وهذا ما نحتاجه في ظل هذه الأزمة.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com