اقتصاد

نقطة ساخنة بين التملق والتشاؤم..!

في جلسة جمعت عدداً من الزملاء في أحد المكاتب الصحفية خلال الأيام الأولى لأزمة المازوت سيئة الصيت هذا الموسم، انتصرت إحدى الزميلات للحكومة بالقول: (وزارة النفط لم تدخر جهداً لتوفير المادة، لكن جشع المواطن هو من سبّب الأزمة) وأيّدها زميل آخر بقوله: (تصوري.. أن كثيراً من المستهلكين يتهافتون هذه الأيام على الأفران لشراء الخبز وتخزينه خشية فقدانه من الأسواق وكأننا مقبلون على حرب ضروس)..!.
لم  يرق هذا الحديث لزميل متشائم بدت على تقاسيم وجهه ملامح الغضب والحنق من أناس بات جلياً أنهم إما مجاملون بغية الحصول على أو ثناءات ممن يدافعون عنهم، أو أنهم قادمون من كوكب آخر.. ليرد عليهم بنزق (الله يستر من القادم.. صدقوني لو أني أستطيع -في ظل وجود بعض المرتكبين من التنفيذيين المؤتمنين على قوت العباد والبلاد- تخزين الكهرباء والهواء لفعلت، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه رح نفتقد الماء.. فلا تجعلوا أقلامكم أبواقاً لا تُطرب سوى من يضع اللوم على المواطن ويراهن على قدرته بتحمل الصّعاب)..!.
وبعد مضي نحو شهر على تلك الجلسة.. يبدو أن نظرة زميلنا المتشائم صحيحة، حيث تشهد كثير من المناطق انقطاعاً للمياه نتيجة انقطاع الكهرباء لمدة تصل نصف يوم وتزيد أحياناً، إضافة إلى أن مسارات أسواقنا بدأت تنذر بشؤم لن يطال جيوب المستهلك وحسب بل يتعداها لراحة باله، فلم يعد ارتفاع سعر أسطوانة الغاز –على سبيل المثال- يقضّ مضاجعه، وإنما استحالة الحصول عليها بالسعر الرسمي، وكذلك الأمر بالنسبة للمازوت، علماً أن السوق السوداء زاخرة بهاتين المادتين..!
من الآخر.. لقد كشفت الأزمة الحالية فقداننا للخطط والبرامج البديلة والكفيلة بالحد من تداعيات أزمات محتملة الوقوع على أقل تقدير وليس إلغاءها، وثبت أن حكوماتنا –السابقة والحالية- تقف عاجزة عن إيجاد الحلول لتداعيات أي أزمة نتيجة افتقادها للبدائل أيام الكرب، متذرعة بشماعة الظروف الاستثنائية والطارئة وعدم تجاوب المواطن وتكيّفه مع ما يعترينا من محن، وكأن دور الجهات الحكومية المعنية يتوقف لحظة تعرض البلاد والعباد لأية هزة ولو عابرة؟!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com