الجبالي يستقيل من حركة النهضة الجبهة الشعبية تحسم أمرها.. وتدعو لمقاطعة المرزوقي
أيام قليلة تفصل تونس عن موعد اختيار رئيس الجمهورية الجديد، وحالة من الترقب يعيشها التونسيون إلى حين صدور النتائج النهائية، في ظل تنافس زعيم حركة النهضة الإخوانية المرزوقي، والباجي قايد السبسي زعيم “نداء تونس”.
الجبهة الشعبية حددت فيه موقفها النهائي من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، ودعت إلى قطع الطريق أمام وصول المرزوقي إلى قصر قرطاج ثانية، ويرى مراقبون أن الرفض الصارخ لانتخاب المرزوقي يعني انتخاب السبسي، باعتبار أن الجبهة لم تناد بمقاطعة الانتخابات، ولا وجود لمرشح ثالث حتى تعطي الجبهة الخيار لأنصارها من سينتخبون، فرفض المرزوقي يعني بالضرورة انتخاب السبسي.
ودعت الجبهة في بيانها مكوّنات المجتمع المدني وعموم الطيف الديمقراطي إلى مواصلة التجنّد لفرض كافة الشروط لإجراء هذه الانتخابات في مناخ يضمن نزاهتها وشفافيتها وديمقراطيتها، بما يسقط أي ذريعة للتقسيم والفتنة ويحمي مسار الانتقال الديمقراطي، وأكدت على المشاركة المكثفة في إنجاح هذا الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية من أجل إنهاء الفترة الانتقالية والمرور إلى مرحلة جديدة من تاريخ البلاد يؤمن تحقيق تطلعات الشعب في الحرية والمساواة التامة والديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية.
كما دعت عموم الشعب التونسي إلى قطع الطريق أمام عودة المرشح الفعلي لحركة النهضة المرزوقي إلى رئاسة الجمهورية، بعد أن اكتوت تونس وشعبها زمن حكمه بنار الاغتيالات السياسية والإرهاب الذي طال عشرات الشهداء من الجنود والأمنيين وتهديد وحدة الدولة والمجتمع إضافة إلى سلسلة من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية ناهيك عن ارتهانه لحزب النهضة وارتباطه المفضوح بروابط العنف الإجرامية والمجاميع السلفية المارقة عن القانون والمحرضة على الفتنة والتكفير والتقسيم وغيرها من الجماعات والأحزاب المعادية علناً للديمقراطية، وعلاقته الخارجية بمحاور إقليمية لا تريد الخير لتونس وللوطن العربي عموماً.
ويرى متابعون أن القوى السياسية وأغلب مكونات الشعب التونسي ستميل لنصرة رئيس حركة نداء تونس في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لأنهم إزاء مشروعين واضحين، الأول حداثي بقيادة السبسي، ومشروع ثان يحمله الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي والذي يتدثر بعباءة الإسلام السياسي باعتباره حليف حركة النهضة الإخوانية.
وقالت القيادية في الجبهة مباركة البراهمي، في وقت سابق، إن الجبهة الشعبية حسمت أمرها فيما يتعلق بعدم دعم المرزوقي، بسبب ضلوع مؤسسة الرئاسة في عهده بدعم الإرهاب، وقطع العلاقات مع سورية، وإرسال الشباب التونسي للمشاركة في “الجهاد” هناك، المهم ألا تصوت قواعدنا للمرزوقي، والبقية هم أحرار في قرارهم”.
كما اتهم حزب نداء تونس الرئيس المؤقت بـتهديد الأمن والسلم الاجتماعيين في البلاد، وجاء الاتهام إثر تصريحات حذّر فيها المرزوقي من تزوير الانتخابات المقررة في 21 كانون الأول، وقال الحزب في بيان: إنه تلقى ببالغ الاستغراب ما صدر على لسان المرزوقي، الرئيس المؤقت، واعتبر حزب نداء تونس أن تصريحات المرزوقي انطوت على عدم قبول مسبق بنتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية، وأنها تمثل تشكيكاً في مصداقية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المكلفة بتنظيم الانتخابات العامة وتهديداً للسلم والأمن الاجتماعيين وحثاً على إدخال البلاد في الفوضى.
إلى ذلك، أعلن حمادي الجبالي الأمين العام السابق لحركة النهضة والرئيس الأسبق للحكومة التونسية انسحابه بشكل نهائي من الحركة، وتأتي الاستقالة لتبين حالة الاستياء الكبير التي تعم رموز الحركة على خلفية المواقف الضبابية وازدواجية الخطاب التي طبعت مسيرة النهضة خلال الفترة الأخيرة، وإبان تقلدها لزمام الحكم، وفق ما يراه مراقبون.
ويرى متابعون أن نزع الجبالي لجبة النهضة يعتبر ضربة جديدة للحركة الإخوانية، تبين مدى ضعف شعبيتها ليس من المناهضين لها فقط بل هذه المرة جاءت من البيت الداخلي للحركة.
وعلق خبراء على هذه الاستقالة بأنها ستفتح ثقباً جديداً في آلة حركة النهضة، وتبين أنها أصبحت على هامش المشهد السياسي في تونس، واصفين أن الضربة الآتية من البيت الداخلي أشد وقعاً على صورة الحركة المترهلة، ويضيف هؤلاء الخبراء: إن قرار الجبالي يحمل رسالة واضحة أن حركة النهضة لم تعد لها القدرة على تطويق المشاكل الداخلية، كما أنها توحي بأن عقلية الانضباط العسكري المقدس التي تميز التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحركة النهضة ليست بمعزل عنه قد تلاشت واندثرت بمفعول الزمن.