مزارعو الشوندر: نحن زرعنا وشقينا وغيرنا قبض.. ولو ذهبت للإعمار لسرّنا الأمر
والسؤال كيف ولماذا يتقاضى العديد من الجهات أموالاً من قيمة الشوندر المسوّق لشركة سكر سلحب؟
شكلت عملية الاقتطاعات الكبيرة من الأموال المستحقة من قيمة محصول الشوندر لمصلحة العديد من الجهات فضلاً عن نسبة الأجرام العالية، تذمراً وقلقاً للمزارعين دفعا العديد منهم إلى القسم بأنه لن يعيد زراعة المحصول ثانية.
بلسان الفلاحين
أحد المزارعين الظرفاء قال متسائلاً: ما هو الدور الذي قدّمه لنا اتحاد الفلاحين حتى يتقاضى منا مئات الآلاف المقتطعة من شوندرنا، وهو نتيجة جهد وشقاء وسهر وتعب ومخاطرة وصلت في بعض الأحيان حدّ الذهاب إلى الأرض تحت قنص الإرهابيين؟.
في حين تساءل آخر، وما هو دور وزارة الإدارة المحلية أيضاً هي الأخرى وكذلك المصرف الزراعي وغيرهما، حتى يتقاضوا ما تقاضوه من أموال تم اقتطاعها من حسابنا الخاص وكأننا وليمة والكل دعا نفسه إليها، بدلاً من أن نكون نحن المدعوّين إلى موائدهم، ألا يكفي حرصنا وتمسّكنا بالأرض والزراعة في ظل ظروف غاية في الصعوبة؟، بدءاً من الأمور على الأرض في بعض المناطق الساخنة ومروراً بارتفاع أسعار المحروقات لعمليات السقاية وانتهاء بأجور النقل واليد العاملة.
إلى ذلك، أكد رئيس جمعية “عناب” المزارع علي منصور، أن ما تم اقتطاعه من أموال مستحقة للمزارعين يشكل خيبة أمل كبيرة لهم، فضلاً عمّا تقاضاه عمال الشركة تحت بند حوافز إنتاجية، وذلك مكافأة لهم على رفعهم نسبة الأجرام التي تراوحت بين 9 و12%، وبالمقابل تخفيض درجة الحلاوة إلى ما دون 13%، وقال متهكماً: لو كانت بندورة لكانت درجة حلاوتها هكذا!.
لمصلحة من..؟
عشرات المزارعين أقسموا بالثلاثة أنهم لم ولن يعيدوا الكرة ثانية لجهة زراعة الشوندر، لأنهم من وجهة نظرهم يدفعون نصف ما يتقاضون وأحياناً “الرأس في العب” كما يقال، وعليه فالابتعاد عن زراعة كهذه هو الخيار الأفضل والناجع برأيهم.
أحد المزارعين –مثلاً- بلغت كمية الشوندر لديه المسلّمة لشركة سكر تل سلحب 116 ألف طن و600 كيلوغرام، في حين تمت محاسبته مالياً على كمية مقدارها 105 أطنان فقط، فتكون الكمية التي تم أجرامها واستبعادها 11 طناً، وبعملية حسابية تكون خسارته أكثر من 120 ألف ليرة، فضلاً عمّا تم اقتطاعه مالياً والبالغ 13871 ليرة سنأتي إلى تفاصيلها كيف ولمَن.
عملية الاقتطاع هذه أقلقت المزارعين بشكل لم يسبق له مثيل، الأمر الذي جعلهم يتذمّرون من هذه الإجراءات.
اعتراف خجول وتهرّب مقبول
رئيس الرابطة الفلاحية في السقيلبية حافظ سالم أردنا إشغاله لمعرفة رأيه بما جرى، فشغلنا بقضية أخرى وهي غياب بذار القمح، معتبراً إياها أولوية، ولعله يكون محقاً ومحرجاً في آن واحد، لماذا؟.
أولاً يجب التركيز على تأمين بذار القمح للموسم الشتوي، وثانياً كان يجلس بجواره عضو مكتب تنفيذي لاتحاد الفلاحين بحماة، ولذلك هو محرج إن أراد الحديث عن قضية تحويل (الفلوس) من قيمة الشوندر المصنع ومن جيب المزارعين، وهو الذي كان قد استفاض في الحديث عن ذلك قبل يوم واحد وعن ارتفاع نسبة أجرام المحصول!.
لكن رؤساء الجمعيات من حوله كجمعية العبر والسجر وعناب، استنكروا حسم الأموال من تعبهم وتحويلها إلى من ليست له علاقة بالمحصول من قريب ولا من بعيد لدرجة اعتبرها بعضهم مؤسفة.
من دهنه “سقِّيلو”
حتى وزارة الزراعة كان لها نصيب وحصة من الكعكة الشوندرية التسويقية وكذلك المصرف الزراعي وصندوق الجفاف، في الوقت الذي تتغنّى فيه وزارة الزراعة بأنها تدفع الملايين سنوياً للمتضرّرين من المزارعين، وهذا يعني أن ما يتقاضاه المزارعون من تعويضات هنا أو هناك، يعني بصريح العبارة “من دهنه سقيلو”، أو أن تلك الجهات فتحت لهم حصالة نقود وخبّأت لهم قرشهم الأبيض ليومهم الأسود، لكن هذا الاقتطاع ذهب إلى صندوق الجفاف وفقاً للمرسوم التشريعي الذي يجيز حسم خمسة بالألف من قيمة المحاصيل الاستراتيجية المسلّمة للمؤسسة المعنية إلى حساب صندوق التخفيف من آثار الجفاف.
قد يكون ما يتم اقتطاعه من المزارعين بسيطاً لكنه يشكل مورداً جيداً لهذه الغاية، فبين أيدينا عدة إشعارات موجّهة إلى المصرف الزراعي في الغاب صادرة عن شركة سكر سلحب، وفيها بيان يوضح أنه تم اقتطاع مبلغ وقدره 13871 ليرة موزعة على الشكل الآتي: “ت م إنتاج” أي تأمين مستلزمات كما ترجمها لنا مدير عام شركة سكر سلحب، و1725 ليرة و3498 ليرة للإدارة المحلية، و4314 ليرة لاتحاد الفلاحين، و20 ليرة طابع، وهو الحلقة الأضعف في هذا الجدول، و3414 ليرة لصندوق الجفاف، علماً أن هذه الحسميات هي من إجمالي مبلغ 84883 ليرة، لكن ماذا يعني تأمين مستلزمات إنتاج؟، هل كان مجاناً ليصار إلى اقتطاع نسبة من قيمة الإنتاج؟ لقد دفع المزارعون ثمناً باهظاً حتى تم تأمين هذه المستلزمات، مثل البذار والأسمدة والمحروقات إن لم نقل نصفها تم تأمينه من السوق السوداء. عدد من المزارعين قالوا: لو أن هذه المبالغ ذهبت لمصلحة صندوق الإعمار لكنا سعداء جداً بذلك، لكن أن تذهب إلى الآخرين هذا لا يسرنا.
أسئلة مشروعة
لعل السؤال المهم المطروح هو: لماذا كل هذه الحسميات ولم يلحظ فيها صندوق الإعمار؟.
مدير المصرف الزراعي محي الدين الراجح قال حول ما يتم حسمه لمصلحة المصرف: إنه جاء بناء على قرار من مجلس الإدارة العامة للمصرف وهو ليس له علاقة بذلك!.
في حين قال مدير عام الشركة العامة لسكر سلحب: إن عملية الحسم التي تتم لمصلحة اتحاد الفلاحين مسندة فقط إلى كتاب من الاتحاد العام للفلاحين بدمشق ورقم /21 م تاريخ 3/2/2009، عن عمولة الخدمات ومكافأة التسويق التعاوني، وعلى كتاب آخر من اتحاد فلاحي حماة، أما غيرهما فليس لدينا أي تبرير آخر، ولا يوجد كتاب من رئيس الحكومة ولا من وزارة المالية أو أي أحد.
وحول ما إذا كانت المكافآت قد غادرت الشركة، أكد نصرة أنه لم يتم منح أحد من خارج الشركة أي مبلغ، وإن ما يردّده الآخرون عن أن الحوافز قد وزعت لأناس ليس لهم علاقة بالشركة غير صحيح، وكذلك عن أن شوندر هذا العام هو الأسوأ لجهة الأوحال والأتربة العالقة به، رغم أنه من الطبيعي أن تكون نسبة الأجرام مرتفعة حسب قول المدير.
الخلاصة: هل يحق للاتحاد العام للفلاحين أن يصدر تعليمات بخصوص اقتطاع أموال من حق المزارعين لتذهب إلى صندوقه ويوزعها هنا وهناك؟.
مطلب محق
رغم معرفتنا بأن حسم أي مبلغ مالي من المصارف وكل مؤسسات القطاع العام يحتاج إلى موافقات حكومية أو المجلس الزراعي الأعلى أو وزارة المالية، وأنه لا يحق لمنظمة أن تطالب باقتطاع أي مبلغ من أموال الفلاحين وتحويله إلى رصيدها إن لم يكن تعاونياً، رغم هذا فإننا نرى أن المزارعين محقون فيما يطالبون به وهو إلغاء هذا الإجراء غير القانوني، وذلك حفاظاً على حقوق الفلاحين، ولاسيما أن المئات منهم ليس لهم علاقة بالتنظيم الفلاحي.
حماة – محمد فرحة