اقتصاد

نقطة ساخنة بطالة ملفقة

قبل الأزمة كانت النسبة الأكبر من القوى العاملة في سورية تتمركز في القطاع الخاص حيث وصل معدلها إلى 73%، في حين كان معدّلها بالعام 27%، حسب آخر الإحصائيات الرسمية، ونتيجة أعمال التخريب والتدمير الممنهج من المجموعات الإرهابية للمعامل والشركات الكبرى وخاصة في محافظات حلب ودمشق وريف دمشق التي كانت توظف ملايين الأشخاص، من الطبيعي ارتفاع معدلات البطالة بين 40 و45% – بناء على دراسات محلية وإقليمية- وذلك بعد أن كانت 25% نهاية عام 2011.
ودائماً ينظر الأعداء إلى نصف الكأس الفارغ ويغضّ الطرف عن المملوء، لاستثماره سياسياً واقتصادياً، ولشيطنة الحكومة ومؤيّدي الدولة “كلما دق الكوز بالجرة”، فالقطاع العام الذي هو نصف الكأس المملوء فاض بمعدل ثلاثة أضعاف عمّا كان يشغّله من عمالة قبل بدء الأحداث، ومن يتجوّل في دوائرنا الحكومية يلحظ ذلك دون إشارة من أحد؟!، كما أن الصائدين بالمياه العكرة ومنهم اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الاسكوا” التابعة للأمم المتحدة، تجاهلوا جوانب أخرى في غاية الأهمية لو تم احتسابها لخرجوا بنسب بطالة أقل، لكن كيف لهم أن يقوموا بهذا الجهد، وفي جميع تقاريرهم عن سورية تفوح رائحة التآمر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، أملاً في تحقيق نصر معنوي لمموّليهم بالخارج، وذلك أضعف الإيمان؟.
من هذه الجوانب، على سبيل المثال لا الحصر، توسّع نشاط اقتصاد الظل بمعدل زيادة قدره 20% مقارنة مع 2010، حسب إحصائيات مراكز اقتصادية محلية، أي إن نسبة لا يستهان بها من عمالة القطاع الخاص المنظم المتضررة بسبب الأزمة عملت في “الظل”، واستمرار الدولة بدفع رواتب موظفيها الحكوميين، الذين عدّت أماكن عملهم ساخنة أو غير آمنة نوعاً ما، وبالتالي ما زالوا بحكم العاملين، في وقت صنّفت فيه “الاسكوا” هؤلاء ضمن الذين دخلوا قائمة البطالة بهدف زيادة الطين بلّة، كما أن آلاف الشبان القادرين على العمل التجؤوا إلى دول الجوار بهدف العمل وكسب المال، وهؤلاء أيضاً لم يُشَر إليهم من “الاسكوا” ولا من غيرها من المؤسسات المغرضة، وحُشروا أيضاً ضمن العاطلين لتصل توقعاتهم إلى 80% في عام 2015، وهو ما حلموا به في حساباتهم البعيدة كل البعد عن الدقة والموضوعية.
ودون أدنى شك، البطالة ارتفعت نتيجة الأزمة إلا أن المبالغة والتهويل كانتا الصفة الملازمة لأغلبية تقارير المنظمات والهيئات المسيّسة “الخسيسة” حول سورية، والمطلوب من الحكومة تأمين فرص عمل لعشرات الآلاف من الشبان الداخلين إلى سوق العمل في العام المقبل، وإعادة عجلة إنتاج القطاع الخاص بأسرع ما يمكن لأنه الوعاء الأكثر استيعاباً للقوى العاملة، وأيضاً لإغلاق منافذ الهواء الملوّث الخارج من أنفاس نتنة أرادت لنا شراً.
سامر حلاس
Samer_hl@yahoo.com