اقتصاد

توقف الاستثمار الأجنبي وجمود أنشطة اقتصادية ساهما في تراجع قيمة الليرة

د. فضلية: التحفظ في عرض القطع الأجنبي لغايات التحوط انعكس سلباً على سعر الصرف

 

تداعيات عدة أدت إلى ارتفاع أسعار القطع وعوامل أخرى (موضوعية وغير موضوعية، مباشرة وغير مباشرة)، كانت سبباً رئيسياً في عدم استقرار سعر صرف الليرة، ومن أهم هذه التداعيات من وجهة نظر الدكتور عابد فضلية عميد كلية العلوم الإدارية بجامعة الشام الخاصة، انحسار أو قلّة العرض من القطع الأجنبي، بسبب تراجع حصيلة التصدير من القطع الأجنبي، نتيجة تدهور إنتاج النفط (إلى أقل من 20%)، وتراجع إنتاج وتصدير القطن والقمح والعديد من المحاصيل الإستراتيجية الأخرى، وتقلص وانكماش جميع أنواع الأنشطة الإنتاجية بشكل عام.

 

التحويلات

 

ورأى فضلية في محاضرة له حول التغيّر في أسعار الصرف وأثره على التضخم ومستوى المعيشة، ألقاها ضمن ندوة الثلاثاء الاقتصادي لجمعية العلوم الاقتصادية السورية أمس، أن من الأسباب المباشرة لارتفاع سعر القطع الأجنبي، تراجع التحويلات الخارجية للسوريين في الخارج، وخاصة عبر الأقنية الرسمية، وساهمت في خفض كتلة تلك التحويلات قرارات المصرف المركزي بتسليم الحوالات الصغيرة بالليرة، وبالسعر الرسمي؛ وكذلك انعدام إيرادات القطع الأجنبي من قطاع السياحة، لافتاً إلى دور كبير أيضاً للتقتير المقصود في عرض القطع الأجنبي لغايات التحوط والاحتكار والمضاربة في السوق السوداء، والتوقف شبه التام للاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وجمود الأنشطة الاستثمارية بشكل عام، دون أن يغفل الخبير الاقتصادي تأثير العقوبات والحصار الاقتصادي، بما في ذلك تجميد أرصدة حكومية وغير حكومية في المصارف الخارجية، وصعوبات تحويل الأموال أو التخوف من ذلك.

 

الطلب

 

تهافت الفعاليات والعائلات على شراء القطع الأجنبي والتخلص من العملة الوطنية، في بداية الأزمة، من وجهة نظر فضلية، ساهمت أيضاً في رفع سعر القطع الأجنبي، موضحاً أنها كانت تهدف لحماية مدخراتهم ومكتنزاتهم، وهذا العامل موضوعي ومبرر من جهة، ونفسي غير مبرر من جهة أخرى، تُؤجّجه أو تُهدّئه بوصلة الأحداث الأمنية، وبطء أو تسارع تذبذب واتجاهات أسعار القطع في السوق السوداء، وشراء القطع لغايات المضاربة والمتاجرة، أو لتهريب أو تبييض أو إخراج الأموال إلى الخارج بسبب الهرب أو السفر أو نقل الأنشطة الاقتصادية الاستثمارية (إلى مصر، لبنان، الأردن، تركيا، قبرص)، أو لتغطية تكاليف المعيشة في الخارج.

 

 

تبذير

 

وبالمحصلة، يشير فضلية إلى أنها تطورات أدّت إلى تراجع الاحتياطي الوطني الإستراتيجي من القطع الأجنبي لدى مصرف سورية المركزي، الذي تفاوتت التقديرات بشأنه في بدايات الأزمة، وتراوحت ما بين (18 إلى 23 مليار$)، كما تباينت التقديرات حول حجم هذه الاحتياطيات اليوم.

 

وعموماً -يقول الخبير الاقتصادي- إن الترشيد في استخدام القطع الأجنبي من قبل المصرف المركزي صار مطلباً ملحاً بعد مراحل من التبذير، وخاصةً في المراحل الأولى للأزمة (عندما راح يبيع القطع لأي مواطن، فصبّ كل ما باعه في أيدي تجار العملة).. والترشيد في هذا الإطار من وجهة نظر فضلية يعني التقليص (أو التقتير أو المماطلة المبررة بحجج) في تغطية احتياجات السوق، حتى الضرورية، وخاصةً احتياجات مستوردي المواد الأولية والوسيطة والسلع النهائية غير الضرورية جداً، وهذا يعني بالتالي اضطرار المستوردين للبحث عن القطع في السوق السوداء، أي زيادة في الطلب على القطع في هذه السوق.

 

وهذا بدوره -كما يقول الخبير- أدى إلى محدودية أو الضعف في قدرة المصرف المركزي على التدخل لخلق التوازن في سوق القطع، من خلال ضخ أو بيع القطع الأجنبي للسوق، وهذا ما يستغله المضاربون وتجار العملة من خلال التأجيج غير المبرر لسعر القطع والتلاعب به لتحقيق أرباح استثنائية كبيرة، لعلمهم بمحدودية قدرة المركزي على التدخل.

 

 

دمشق– سامر حلاس