ثقافة

“الفن ودوره الوطني في إعادة الإعمار” في ورشة عمل في كلية الفنون الجميلة

تقع على الفن مسؤولية كبيرة للنهوض بالمجتمع نحو واقع أفضل، فلم تكن مهمته يوماً مقتصرة على مقولة الفن للفن، بل أصبح الفنان اليوم يعي هذه المسؤولية ويدرك أهمية دمج الفن بكل مناحي الحياة، وضرورة تقديم كل ما يلزم  تجاه مجتمعه في أيام السلم وخلال الأزمات، فالفن هو الطاقة الجميلة القادرة على السير بالشعوب نحو التطور والعمران..
وانطلاقاً من الإيمان بدور الفن نظمت جامعة دمشق- كلية الفنون الجميلة بالتعاون مع قيادة فرقة الكلية لحزب البعث العربي الاشتراكي ورشة عمل اللوحة الجدارية بعنوان “الفن ودوره الوطني في إعادة الإعمار” حيث  افتتحت الورشة بمحاضرة ألقاها عميد الكلية د.فواز البكدش أوضح من خلالها أن اللوحة الفنية الآن تعادل ملايين الكلمات، فهي تعطينا صورة أوضح عن تاريخ الشعوب، وتبرز أهميتها بقدرتها على التعبير عن محتوى الفكر الإنساني وأهمية النص البصري الذي يقرؤه كل الناس، فهي لغة عالمية موجهة لمختلف الشعوب، مؤكداّ على ضرورة الاستفادة من الإمكانيات الموجودة وعدم إهمالها، منوهاً إلى أهمية الفن الذي هو ضرورة لكل علم، فدون الفن لا توجد علوم راقية، مضيفاً أنه علينا الاضطلاع بواجباتنا العلمية والتعليمية.

جيل لبناء الأوطان
كما أكد البكدش أن كلية الفنون لا تسعى إلى تخريج طلاب يكونون نسخة عن أساتذتهم، بل ليكون كل منهم مشروع فنان مستقل ومتفرد مع تطبيق النظريات القديمة والحديثة، وإعدادهم إعداداً أكاديمياً وتخصصياً وثقافياً، مما يكرس انتماءهم لبلدهم سورية، حيث تقع على الكلية مهمة التعاون مع المؤسسات المعنية للعمل على تنشئة الأجيال وفق مجموعة أهداف -كما ذكر البكدش- وهي تقويم الثقافة البصرية ومحو الأمية البصرية للتمييز بين فنون الحضارات المختلفة، وتربية السلوك الجمالي، وتكوين اتجاه ايجابي لمتابعة التطورات البصرية، وتنمية قدرات خريجيها في قراءة العمل الفني وجدانياً وفنياً، والتدريب على السلوك الابتكاري وفق المناهج، والقيام بواجبنا الوطني تجاه طلابنا وتدريبهم ليكونوا إرثاً للوطن ويقوموا بدورهم في بنائه.

إعادة الإعمار
وفيما يخص سير عمل الورشة تحدث د. فؤاد طوبال نائب عميد الكلية قائلاً: إن الورشة ستضم 9 مجموعات عمل من جميع أقسام الكلية، يرأس كل مجموعة أستاذ ومعه طالبان من الدراسات العليا، بالإضافة إلى 5  طلاب، كما ستنفذ لاحقاً لوحات جدارية بحدود لوحة لكل مجموعة، مشيراً إلى وجود سياسة لربط الجامعة بالمجتمع تلبية لحاجاته والتي تأتي في مقدمتها إعادة الإعمار، ونحن نعلم أن الفنان قادر على القيام بهذا الدور بالتعاون مع المؤسسات المعنية ومن خلال  مشاريع التخرج والورشات.

تقنيات اللوحة الجدارية
وتحت عنوان “اللوحة الجدارية تقنياتها وأساليبها” كانت المحاضرة التي ألقاها د.جورج محفوض خلال افتتاح الورشة والذي أشار من خلالها إلى أن اللوحة الجدارية يتم تصنيفها وفق أساليب عدة أولها حسب الموضوع: فهناك التاريخية والدينية والسياسية وغيرها. وثاني التصنيفات من خلال المواد الأولية المستعملة، فهناك لوحات نفذت بالرمال أو السطوح الحجرية أو سواها، أما التصنيف الثالث فهو حسب الأسلوب الفني حيث هناك أساليب تاريخية قديمة وأساليب كلاسيكية تقليدية للعصور الوسطى، والأساليب الحديثة، أما التصنيف الرابع فهو بحسب التقنيات المستعملة سواء كانت قديمة أو حديثة.

فنان و جدارية
وعرض محفوض خلال المحاضرة مجموعة نماذج جداريات مروراً بأقدم الرسوم الجدارية المعروفة في العالم وهي رسوم الكهوف، وجداريات من الحضارات العربية الرافدية والآشورية والبابلية والسومرية، و جداريات من العصور الوسطى كجدارية مايكل أنجلو الشهيرة في الفاتيكان وجداريات في سورية بما فيها مشهد الهودج في معبد تدمري، كذلك جداريات من العصر الأموي التي تمثل الذائقة الجمالية في ذاك العصر، ومن العصر الإسلامي وأهمها اللوحة المتوضعة في واجهة الجامع الأموي الكبير، كما ذكر محفوض أعمالاً لفنانين سوريين معاصرين أمثال نعيم اسماعيل، رولان خوري، لؤي كيالي، أدهم اسماعيل، نذير نبعة، فاتح المدرس، علي سرميني وموفق مخول الذي نفذ جدارية على سور المزة مؤخراً وغيرهم، ونوه إلى ضرورة الإيمان بطاقات الشباب الخلاقة.

ربط الجامعة بالمجتمع
تلت المحاضرات ندوة حوارية شارك فيها الفنان والناقد سعد القاسم الذي نوه إلى أهمية ربط الجامعة بالمجتمع لتجاوز الهوة بين ما يمكن فعله وما يتم تنفيذه فعلاً، وأشار القاسم إلى وجود تجارب عالمية تؤكد فعالية دور الفن في إعادة الإعمار، وهي مجموعة تجارب لدول تعرضت للحروب ثم أعادت بناء نفسها، وكان للفن دور هائل في إعمار الشخصية الثقافية وأهم التجارب هي تجربة الاتحاد السوفييتي التي تم فيها تكريس الفن من خلال ترسيخ مفهوم تضحيات الجنود وتجذير المفاهيم الفنية المتطورة من خلال نصب تذكارية ولوحات جدارية ساهمت في بناء شخصية الشعب، والتجربة الأخرى هي تجربة ألمانيا الديمقراطية، وبيّن القاسم أن المقصود ليس عمل لوحة سياسية مباشرة بل الأهم هو تقديم فن بالمعنى الحقيقي على مستوى من الإبداع والتجديد والابتكار.
لوردا فوزي