ثقافة

السوريون والموناليزا

تمام علي بركات
واقع “الأكشن” اليومي الذي تحيا أخي السوري على إيقاعه العجائبي، لا يدع للروتين أن يتسلل إلى حياتك ولا حتى في أحلامك! ومن أين للروتين أيها العداء العالمي الحاصل على كل مختلف ألقاب بطولة السرعات في التاريخ، المرتبة الأولى عالمياً في الجري خلف قوتك اليومي وهو مشرق عنك وأنت مغرب ،المركز الأول بلا منافس في فن تفادي القذائف والشظايا بعد أن تكرمت السيدة الحرية وزارت بلادنا وصارت قذيفة الهاون أو مدفع الشيطان من أعز أصحابك بعد أن كنت تسمع عنها في نشرات أخبار بعيدة، من يجاريك في هذه ؟لا أحد! المكانة الأولى تاريخياً في كونك اعتدت الكوارث المهولة التي يسببها الارتفاع الصاروخي للأخضر، أي أخضر، بدءاً من الدولار وليس انتهاء بحزمة “البقدونس” الشرسة.
اعتدت النوبات القلبية حتى صرت لا تشعر بها إلا لماماً، اعتدت الارتفاع الحاد والهبوط المفاجئ للضغط الذي ملّ من قدرته على جعلك تشعر بالتوعك، صار الروماتيزم رفيقك والديسك من ذكرياتك المضحكة. من أين إذاً للروتين والملل أن يجد لا قدر الله ولو “خرماً” صغيراً يستطيع من خلاله أن يجعلك تتثاءب أمام التلفاز وتتمطى قائلاً: ما هذّذذذا الملل. الملل هنا ترف أخي في الوطن– نعمة، الملل أبداً، ليس  وارد في قاموسنا.
من يراك وأنت تجد السير لمتابعة يومك بعد أن نفذت بأعجوبة من لحظات قليلة من الموت “لاحظ مِن مَن نجوت لتعرف كم أنت عظيم” لا يستطيع أن يدرك أبداً ولا حتى في أقصى تطرف خياله، أنك كنت قبل قليل على وشك أن تصبح خبراً عاجلاً، همتك عالية ونشاطك بادٍ للعيان وروحك مرحة رغم الصدمة التي تظهرك وكأن قطاراً قد صدمك.
هل لدى أحدكم شك في ذلك؟ إن كان لأحدكم شك في الموضوع، ما عليه إلا أن يرى أناقة مذيعاتنا وضيوفهن في برامجنا الصباحية، منذ فترة كان صباحنا يخبرنا عن حاجة السيدات الملحة للفرو! ليست السيدات فقط بل الرجال والصغار أيضاً! هذا ما كانت تخبرنا به إحدى ضيفات صباحنا!
دعك من هذه إن رغبت، ولكن قل لي ما رأيك بأناقة ووسامة محللينا السياسيين؟ لا أسالك عن آرائهم باعتبارك حفظتها غيباً وأكثر منهم حتى، ولكن ما رأيك بالرسائل التي تصلك على جوالك وأنت واقف في طابور الخبز تطاعن خيلاً؟ رسائل خفيفة الدم صراحة، تلطف الأجواء وتخفف من وطأة ما أنت فيه، مثلاً: إذا أردت أن تعرف برجك اليوم اتصل، إذا أردت أن تفهم أسرار الأنثى الغامضة..اتصل على الرقم.
أخي السوري بكل فخر أقول لك: تخجل الموناليزا الحائرة ومسببة الإرباك لأدهى الخبراء في العالم، من ابتسامتك التي جعلت كل العالم حائراً يضرب كفاً بكف بلا حول ولا قوة  من تكوينك الأصيل وروحك العصية على الكسر.