صورة.. عابرة فقط
بشرى الحكيم
ضجت المحطات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي في الأسابيع الماضية بخبر مشاركة المغنية اللبنانية هبة طوجي في برنامج المسابقات الغنائي the voice بنسخته الفرنسية، وتناقل متابعوها أخبار نجاحاتها في حلقاته الأسبوعية، إلى أن وقعت الواقعة وانتشرت صورة تجمعها بمنافستها الفرنسية الإسرائيلية وهما ترفعان شارة النصر، فأثارت الجميع بين مؤيد ومشجع لها، باعتبارها النجمة الحقيقية التي تخطت القواعد والمعوقات؛ لترفع اسم بلدها عالياً في سماء الفن العالمي، وبين غاضب أحبطه تجاهلها للموضوع وعدم تقديمها تبريراً مقنعاً، فكتب ساخطاً: “على فكرة يا شعبي كل الناس والفرنسيين أيضاً ضد القتلة إلا نحن فمنصير مع الصهيوني القاتل كرمال هبة طوجي”.
الحادثة الأخيرة والحق يقال؛ لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها لقطات ومصافحات ما كان متاحاً لها أن ترى النور، أو أنه تم غض الطرف عنها، ربما بدأتها ملكة جمال لبنان عام 1955 هانيا بيضون بصورة مماثلة مع زميلتها الإسرائيلية والجرح الفلسطيني كان طرياً لم يندمل بعد، تلتها صور ومصافحات عديدة عوقب أصحابها في حالات بالسجن أو بالطرد من مواقعهم الوظيفية أو المنع من دخول البلاد، لكنها “والقرارات لا تبني حساً وطنياً أو أخلاقياً” بالرغم من ذلك تكررت بين فنانين وطالبي شهرة وقعوا في ذات الخطأ قصداً أو عن سوء تقدير أو عبر فخ مدبر، لإظهار نوع من العلاقة الطبيعية لكيان دخيل مع دول الجوار.
البعض من الجمهور المتابع برر تلك الحوادث وأدرجها ضمن مفهوم صداقة عابرة تخدم أولوية الفوز، وأن هذه العلاقة مع “مدنيين” ليس لهم صلة بالجيش أو الأمن الإسرائيلي لن تتعدى فترة البرنامج.
لكن هل يخفى على أحد أن إسرائيل تدفع بقطار التطبيع بكل قواها وبكافة الوسائل، بينما تعمل على إفشال كل نجاح يلوح بالأفق لأي مبدع لا يخدم سياستها العدوانية؟ وهل أوضح من تصريح أحد رؤساء نقابة فنانيها بضرورة مواجهة أي نجاح أو تفوق لأي من مواطني الدول الرافضة للتطبيع “كي لا يكرس تواجدهم على الساحة الدولية”، بينما يتباهى أحد المستعربين اليهود بالقول: “إن انتصار إسرائيل الأكبر تجلى في القدرة على كي “الوعي العربي”.
……
يحكى أن الصينيون القدامى بنوا سورهم العظيم بغية تحصين بلدهم، وضمان العيش الآمن على أمل أن يمنع بعظمته وارتفاعه الأعداء والمتطفلين، التاريخ يسجل أن الصين تعرضت لثلاث غزوات بعد بناء السور، وفي ثلاثتها لم يكن الغازي بحاجة لاختراق السور أو تسلقه، بني السور ولم يُبنَ الحارس!. كان خداعه ورشوته أفضل منفذ، فهل أسأنا بناء الفنان.
وبالمحكي قال أحدهم غامزاً: “الذبابة يا سيدي.. تدخل إلى السيارة من أي مكان مهما كان صغيراً. ولما نفتح كل الشبابيك والأبواب لطردها بتعمل حالها مجنونة وما بتعرف تطلع”. متى يستيقظ النوّم، والأغبياء؟.