تَوَقَّفْ واقرأ
عبد الكريم النّاعم
يقف الإنسان المعاصر مدهوشاً أمام بعض القراءات التي يمكن أن تُصنّف في باب (الرؤى)، ولقد اهتمّ الرّوحانيّون الهنود بهذه المسألة اهتماماً يعبّر عن طبيعة ميْل المهتمّ المُتابع، فكان من بعض تفسيراتهم أنّ بعض الأرواح التي تتجّه إلى القدرة الإلهيّة الكونيّة بصفاء نادر، وبانجذاب لافت، وبطاعات لايقدّر عليها إلّا العبّاد النّادرون.. هؤلاء، في لحظات وامضة، أو في رؤى عميقة تنكشف لهم الأزمنة القادمة من الأجيال التي سوف تأتي فيتحدّثون عنها حديث الرّائي، المتبصِّر، المُطّلع، ولربّما كان عدد هؤلاء في الهند أكثر من غيرها بحكم عمق التوجّهات الروحانيّة، وثمّة العديد من الرؤى التي شاهدها مَن نعنيهم مدوَّنة، إمّا بمباشرة واضحة أو عبر سياقات من الصياغة يقتضيها الحال.
اعذروني فسأستطرد قليلاً، في إشارة إلى صرامة الأيديولوجيا، التي حين تُحكِم سيطرتها فإنّها لاتترك مجالاً أن تتنفّس إلّا من عمْق نصوص محدّدة، وهذا ينطبق على كلّ الأيديولوجيّات بما فيها التي تعتلي منبر المذهبيّة، لترى في مذهبها وحده الحقّ الذي لاحقّ غيره، وهذا ينسحب، كما أشرنا على المتديّنين المتعنّتين، كما يشمل أصحاب الأيديولوجيّة الصارمة التي لاعلاقات لها بشؤون الرّوح، وما وراء الطبيعة، وهذا الذي أقوله ماكان مُتاحاً له أن يرى النّور في زمن من الأزمنة التي سيطر على مواقع الإعلام فيها مجموعة من ( الزّاعمين) أنّهم يساريّون جدّاً، وبعضهم التحق، بيساريّة عجيبة في صفوف أخوان أردوغان وداعش، موجداً لنفسه من المبرّرات مالا يقبله عقل عاقل.
الإمام عليّ أمير البلاغة والمؤمنين (ع) أبرز من ترك مثل هذه الرؤى في التراث العربي الإسلامي، وأنا هنا آخذ ماوجدتُه من ” نهج البلاغة”، آخذه لما فيه من كشف، وعُمق بصيرة، ولأنّه ينطبق على الواقع الذي نحن فيه، يقول ( ع) :
” يأتي على الناس زمان، لايبقى فيه من القرآن إلّا رَسْمُه، ومن الإسلام إلّا اسمه، ومساجدُهم يومئذ عامرة من البناء، خراب من الهُدى، سكّانُها وعُمّارُها شرّ أهل الأرض، منهم تَخرج الفِتنة، وإليهم تأوي الخطيئة، يردّون مَن شذَّ عنها فيها، ويسوقون مَن تأخّر عنها إليها، يقول الله سبحانه: فَبي حلفْتُ لأبْعثنَّ على أولئك فتنةً أَتْركُ الحليمَ فيها حيْران، وقد فعل، ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة”.
هذا الكلام ينطبق على مانحن فيه، وسينطبق على مايجيْ ممّا يُشبهه، حتى لكأنّه أحد القوانين الاجتماعيّة التي تفرزها الأحداث المتشابهة.
تُرى ألا يذكّرنا هذا بالمساجد التي بناها ملوك الوهابيّة في كلّ بقاع الأرض لتكون شركاً لاقتناص المفتونين، لابيتاً للّه منه يُتوَجّه إليه؟!!.
aaalnaem@gmail.com