ثقافة

شهيد الوطن.. شهيد الجميع

أكرم شريم
من المؤكد أن كل الشعوب تحتفل بذكرى شهدائها في المناسبات الوطنية، وهناك عطاءات واهتمامات خاصة بأبناء وعائلات هؤلاء الشهداء. بل من المؤكد أيضاً أن تكون في حياة كل شعب أسماء كبيرة وأيام كبيرة تحمل الدلالات الكبيرة والناصعة على عظمة الشعب نفسه في تاريخه وتاريخ حمايته لوطنه، حمى الوطن، ومن خلال هذه الأسماء والأيام والتي يمكن أن نعتبرها دائمة البقاء عند هذه الشعوب ديمومة البقاء نفسه!.
ولكن ماهو معنى الشهادة في سبيل الوطن؟! إن معنى الشهادة في سبيل الوطن، وبكل وضوح وبساطة. أن تصل محبة هذا الوطن إلى درجة عالية، بل إلى الدرجة الأعلى من الإخلاص له والتضحية في سبيله إلى درجة عدم الاكتراث وعلى الإطلاق بأهمية حياة هذا الإنسان أمام حماية وطنه وشعبه، وتحديداً سيادة واستقلال هذا الوطن وهذا الشعب!. فانظروا كيف يتم التداخل هنا بين مفهوم الوطن ومفهوم الشعب! ذلك أن سيادة الوطن هي سيادة الشعب ذاتها، هذا هو المؤكد الأول هنا! وكذلك، ومع الإضاءة الأقوى على هذا المفهوم سنرى وهو المتعارف عليه والمعروف والصحيح دائماً، أن مفهوم الوطن إنما يعني الشعب، كل الشعب، واسمحوا لنا بقليل من التفصيل هنا: بل كل أسرة في هذا الشعب.. كل أب وأم وأبناء على الإطلاق! .
إذن فالشهيد في سبيل الوطن، هو شهيد في سبيل شعبه أيضاً، وبالتالي في سبيل كل أسرة في شعبه، وهذا يعني وبكل وضوح وبساطة أنه شهيد في سبيل كل أب وكل أم وكل ابن أو ابنة أو طفل أو طفلة في هذا الوطن الفسيح وفي كل بقاعه، وفي كل محافظاته بل وفي كل مدنه وقراه وحتى آخر إنسان في أبعد شبر من أرضه.
ولا أعتقد أنني أبالغ هنا بواسطة هذا التعميم لأن الشهادة في سبيل الوطن هي في حد ذاتها تعميم للجميع، لأنها وكما أسلفنا، شهادة في سبيل الوطن والشعب معاً بل والأسرة وكل أسرة في هذا الوطن وإلى آخر القائمة. فهي شهادة عامة وللجميع في كل أنحاء الوطن!.
هكذا نصل إلى سؤالنا الكبير في هذا المقام، ألا وهو أن هذا الإنسان الشهيد قد قدم روحه وبكل محبة وبشكل اختياري في سبيل حمايتي أنا وأسرتي، زوجتي وأبنائي في هذا الوطن العزيز العظيم! فماذا أنا فاعل أنا وزوجتي وأبنائي من أجله. وأجل زوجته وأبنائه ومدى الحياة المديدة لكل أبنائي وأبناء أبنائي وأبنائه وأبناء أبنائه؟!. فهل في هذا كثير، بعد أن قدّم روحه من أجل حمايتنا والدفاع عنا، أنا وزوجتي وأبنائي؟! وهكذا تكون النصيحة اليوم،   وهي الحقيقة أيضاً في هذا المجال، أن أبسط الواجب الذي يمكن أن أقدمه لهذا الإنسان العظيم شهيد الوطن والشعب، وهو من باب رد الجميل أيضاً وماذا أعظم أو أجمل من هذا الجميل الذي قدمه لي أنا وأفراد أسرتي: زوجتي وأبنائي؟! إن من أبسط الواجب الذي يجب أن أقدمه له إنما هو، وبعد تخليد ذكراه وفي مكان قريب في محافظته أو مدينته، وفي معرض دائم يخلد مع خلود عظمته وسيرته أيضاً، أن يعرف أفراد أسرتي وفي عيد ذكراه وذكراهم، ماذا فعل هذا الإنسان العظيم، من أجلنا نحن في هذه الأسرة أنا وزوجتي وأبنائي وبالتالي في هذا الوطن ومن أجل هذا الشعب كله.