ملحمة وثائقية تؤرخ لمسيرة الجيش العربي السوري ..
لطالما أثبت الجيش العربي السوري صموده على أرض الوطن، مقدماً أغلى ما يملك، رافضاً تسليم أرضه للغزاة، فنفتخر بمن حفظ سيادة وكرامة الوطن، وبمن دافع عن سورية أرضاً وشعباً، من هنا جاء توثيق هذه البطولات في فيلم يحكي مسيرة هذا الجيش العظيم، وكعادتها المؤسسة العامة السينما كانت السباقة في هذا، إذ قدمت بالتعاون مع الإدارة السياسية فيلماً وثائقياً خاصاً عن الملحمة البطولية لجيشنا العربي السوري بعنوان “مسيرة وطن” سيناريو الأديب محمود عبد الكريم وإخراج نضال دوه جي .
لقد عرض الفيلم لمسيرة القوات المسلحة السورية منذ ثورة الشريف حسين ثم استحضار بطولات يوسف العظمة ورفاقة مروراً بالثورة السورية الكبرى التي قام بها أبناء سورية في كل المحافظات كثورة هنانو وصالح العلي وحسن الخراط وأدهم خنجر والشيخ سلطان باشا الأطرش حيث طردوا المستعمر وحققوا استقلال سورية وسيادتها. واستمرت حكاية البطولة يسطرها جيشنا الباسل في كل الحروب التي خاضها والتي مازالت مستمرة حتى الآن، ولنا في الصمود الأسطوري الرائع الذي يبديه جنودنا البواسل في معركتهم مع الإرهاب الدولي على أرضنا الطاهرة لسنوات أربع خير دليل على عظمة هذا الجيش العقائدي وإيمانه بوطنه ورسالته التي نذر روحه من أجلها.
وأشار الفيلم في سياقه إلى كلمات للسيد الرئيس حافظ الأسد، تغيب عن بالنا، إذ يقول: “هذا الشعب هو الذي احتضن القوات المسلحة، ولو عدنا لتاريخ سورية منذ الاستقلال نرى أنها هي التي صنعت تاريخ سورية بكل التفاصيل.. بالأحداث العسكرية منها أو السياسية وفي مقدمتها الوحدة مع مصر عندما ذهب وفد عسكري والتقى الرئيس جمال عبد الناصر. وهي التي واجهت الإخوان المسلمين، وساهمت في توحيد لبنان، وخاضت حرب تشرين التحريرية. وما زالت قواتنا المسلحة تصنع تاريخ سورية”. واليوم ينظر الشعب السوري إلى هذه القوات المسلحة أيضاً النظرة ذاتها التي نظر إليها عبر تاريخه بعد الاستقلال.. هي نظرة الأمل في قدرة هذا الجيش على دحر الإرهابيين وإعادة الأمن والأمان إلى سورية.. ونحن كلنا ثقة بتاريخنا.. وإيماننا كبير بالله والوطن وبهذا التاريخ.. وسننتصر بصمود ووعي الشعب، وببسالة وشجاعة قواتنا المسلحة.
يروي العمل الذي انتهج مخرجه أسلوب الديكو درامي حكاية الجيش منذ تأسيسه على يد وزير الحربية يوسف العظمة موثقاً مراحل تطوره، فيقول مخرج الفيلم: من الصعب تلخيص تاريخ الجيش العربي السوري بفيلم واحد، هذا الجيش الذي لولاه لما كنا هنا في هذا المكان نشاهد “مسيرة وطن” الذي هو محاولة سينمائية تنتمي بمفهومها إلى الفن السابع الذي يستطيع بمكوناته وأدواته أن يلخص الزمان والمكان ويؤرشف محطات ساطعة من تاريخ هذا الجيش المشرف.
الفيلم يبدأ بمقتطفات من المعارك الراهنة بين الجيش والجماعات المسلحة، حيث نرى جندياً جريحاً في المستشفى يقدم تضحية ثانية رغم جراحه التي تنزف، إذ يعطي دوره في غرفة العمليات لامرأة حامل في حالة مخاض، فتنجب المرأة ويستشهد الجندي.
في الواقع، يلقي الفيلم الضوء على كل ما قدمه الجيش من تضحيات من أجل عزة الوطن ورفعته، عائداً بالتاريخ إلى محطات منيرة لتاريخ هذا الجيش، بدءاً من عام 1916 واندلاع الثورة السورية الكبرى التي انطلقت ضد الاستعمار الفرنسي حتى تاريخ الاستقلال عام 1946، عارضاً فيها نضال هذا الجيش ورفضه تسليم أي قطعة من أرضه للغزاة.
ويتابع الفيلم سرده لأحداث تاريخية عبر مادة وثائقية لحياة السوريين، ولاسيما بعد انتصاره المشرف ضد الاستعمار الفرنسي بتضحيات جسام، ثم العدوان الثلاثي على مصر وسورية وبعدها حرب حزيران وحرب تشرين التحريرية بقيادة القائد الخالد حافظ الأسد، مروراً بدور الجيش في دعم حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية في سنوات الثمانينات، مقدماً شواهد لا تنسى في الدفاع عن الحقوق العربية، وقدرة الجيش العربي السوري على مؤازرة المقاومة وترسيخها وتكريسها في الوجدان الشعبي إلى يومنا هذا، وما يقدمه هذا الجيش من تضحيات عظمى وبطولات هزت العالم في دفاعه عن الوطن ضد عصابات القتل والإجرام.
ويختتم الفيلم بلحظات مؤثرة تستقبل فيها أم الشهيد رسالة كتبها لها ابنها البطل، مستغلاً وقت الطعام أو أي لحظة غير قتالية ليكتب لها، وعرض الفيلم شهيداً استشهد في أرض المعركة ماسكاً بقبضته كمية من تراب الأرض لتكون هدية لأمه التي بدأت بالزغردة منذ إطلالة زملائه الجنود على باب الدار لتضع هذا التراب في خوذته العسكرية، وتزرع فيها وردة، معلنة أن الحياة مستمرة بوجود هؤلاء الأبطال الشجعان.
جمان بركات