ثقافةصحيفة البعث

ضمن مشروع دعم مسرح الشباب الــطــيـن الأحـــمــــر.. انكـســـارات أنــثـــى

 

ضمن مشروع دعم مسرح الشباب الذي ترعاه مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة، وضمن فعاليات مهرجان دمشق الثقافي افتُتحت منذ أيام على خشبة مسرح القباني عروض مونودراما “الطين الأحمر” تأليف وإخراج محمد سمير طحان وتمثيل الفنانة الشابة لبابة صقر.

عالم الأنثى
يبيّن المخرج سمير طحان أن “الطين الأحمر” محاولة للغوص في عالم الأنثى وتفكيك شيفرات تكوينها وإلقاء الضوء على ما ألمَّ بها من انكسارات خلال سنوات الحرب الثمان التي عشناها في سورية من خلال قصة نحاتة شابة قررت العودة للعمل الإبداعي بعد طول انقطاع، متجاوزة الكثير من الارتكاسات في روحها ونفسيتها، مع كثير من البوح الوجداني الذي تعيد من خلاله حساباتها اتجاه الحياة والناس، ولا يخفي طحان أن العرض يحمل العديد من الإسقاطات على الحالة العامة التي وصل إليها المجتمع والناس جراء ما خلَّفته الحرب من ركام في النفوس وبين الناس، وبذات الوقت يطرح عدة أسئلة تحتاج لإجابات من كل واحد فينا لنعيد جميعاً حساباتنا في أمور اعتقدنا طويلاً أنها من المسلَّمات، مشيراً طحان إلى أنه في “الطين الأحمر” اعتمد في بناء الشخصية على معرفته لشخصية أنثى مشابهة فأسقط عليها الكثير من التفاصيل التي جمعها من الحياة، وبنى قصته من خلال السرد الذي يحترم عقل المشاهد ويدخله في لعبة العرض بالتدريج، ليجد نفسه صار جزءاً منه ويحلل طروحاته ومقولاته التي تمسه وتمس المجتمع بأسره، مبيناً أنه ومنذ بداية توجهه نحو الكتابة سواء في القصة القصيرة أو السيناريو التلفزيوني والسينمائي، وصولاً إلى المسرح كان همّه وشغله الشاغل هو الإنسان رجلاً كان أم امرأة أم طفلاً، مع تأكيده أنه ينحاز أكثر للأطفال والمرأة لامتلاكهما مخزوناً درامياً غنياً يمكن الاشتغال عليه بشكل ممتع والخروج بنتائج فيها الكثير من الخصوصية والقيمة الإنسانية والإبداعية العالية.

المسرح التجريبي
ينوه طحان إلى أن العمل ينتمي إلى نوع المونودراما من خلال تواجد ممثلة واحدة على الخشبة طيلة فترة العرض، بالإضافة إلى تواجد مادة فيلمية مرافقة لها في مساحة من زمن العرض وتلعب دوراً مهماً في مجريات أحداثه وإغناء المشهدية البصرية له مما يقدم فرجة مسرحية تنتمي إلى المسرح التجريبي، وكون العرض يأتي ضمن مشروع دعم مسرح الشباب الذي ترعاه مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة فضَّل طحّان أن يختار الكادر الفني لمسرحيته من المواهب الشابة المليئة بالطاقة والحماسة والأفكار الإبداعية الجديدة، حيث ستلعب الشخصية الفنانة الشابة لبابة صقر التي تتمتع –برأيه- بموهبة مميزة وحضور قوي على الخشبة، وفي تصميم السينوغرافيا الفنان الشاب غيث مرزوقي، وفي تصميم الأزياء الفنانة الشابة ريم الماغوط، وفي تصميم وتنفيذ الأعمال النحتية النحاتة الشابة لمى القرة، وفي تأليف الموسيقا والصوت الموسيقي الشاب خالد بهنسي بما يمتلكه من خصوصية وتميز في هذا المجال، بالإضافة إلى خبرة الدراماتورج آنا عكاش وخبيرة المكياج منور عقاد ومصمم الإضاءة بسام حميدي.

النوع المسرحي الأصعب
ويوضح سمير طحان أن المونودراما هي النوع المسرحي الأصعب من ناحية الكتابة والتمثيل والإخراج، وغالباً عندما يقدم الكاتب على خوض غمار المونودراما يكون لديه همّ إنساني كبير يريد فكفكته من خلال الغوص في النفس البشرية، ومحاكمة قناعاتها بكثير من تبادل الأدوار بين تجاذبات الشخصية من النواحي الفكرية والوجدانية والنفسية، مما يُنتِج مقولات يحتاجها كل شخص ليعيد التفكير في كثير من جزئيات حياته، مبيّناً أن كثرة أعمال المونودراما في المسرح السوري مؤخراً ناتج عن ظرف إنتاجي وظرف الحالة العامة، فنحن نعيش حالة حرب منذ ثماني سنوات، وفي وقت الحروب تكثر الأسئلة في دواخل الإنسان ويتغير الكثير من رؤاه مما يساعد على طرح أسئلة عبر المونودراما المرتبطة بالحياة في أبسط أشيائها، وصولاً إلى أعقدها.
ويؤكد المخرج أن العمل الفني يحتاج إلى الشغف والهمِّ الإبداعي، ومع كل تجربة جديدة تتراكم المعارف والخبرات أكثر ويتضح الطريق بشكل أفضل، ويصبح المنجَز الفني أقرب للاكتمال شكلاً ومضموناً، وتبقى التجارب –برأيه- دائماً محكومة بالنتائج النهائية وبحكم الجمهور الذي من أجله يُقدَّم الفن.

أمينة عباس