“وجع” السوريين يعيدها إلى المسرح ثراء دبسي: من يتجاهل أوجاعنا لن يسمعه أحد
بدت الفنانة ثراء دبسي سعيدة بعودتها إلى خشبة المسرح بعد انقطاع ليس بالقصير عن أبي الفنون، ولم تخفِ دبسي في حوارها مع “البعث” شعورها بالخوف كلما اعتلت الخشبة، وهو اليوم خوف مضاعف لأن الجمهور بانتظار ما ستقدمه بعد هذا الغياب، مبينة -وهي الممثلة المسرحية بامتياز وقد شاركت في أول عمل قدمه المسرح القومي تحت عنوان براكساجورا- أنها شاركت في معظم الأعمال التي قدمها المسرح القومي، وتدريجياً بدأت تطل على جمهورها المسرحي في أوقات متباعدة. أبحث عما يلبي حاجة الناس
وتؤكد دبسي أن مسيرتها المسرحية الطويلة والغنية لم تعد تسمح لها بالمشاركة في أي عمل مسرحي لمجرد المشاركة أو لمجرد حبها ورغبتها في الوقوف على خشبة المسرح التي تعشقها.. من هنا لم يعد أي عمل مسرحي يغريها، وقد باتت تبحث عن العمل المسرحي الذي يلبي حاجة الناس بشكل فني لائق وهذا ما أغراها في مسرحية “وجع” التي تشارك فيها وتُعرَض حالياً على خشبة مسرح القباني، حيث تتحدث عن أوجاع السوريين في هذه المرحلة، مشيرة إلى أنها ترفض أن يبتعد المبدعون بشكل عام، والمسرحيون والمسرح بشكل خاص، عن الحديث عن آلام وهموم السوريين التي باتت كثيرة في الوقت الحالي، وهي بذلك تقترب من الشخصية التي تؤديها في هذا العمل حين ترفض الممثلة التي تؤدي شخصية أوفيليا في مسرحية “عطيل” أن تستمر في أدائها رفضاً منها أن تتحدث مسرحياتنا عن آلام الآخرين ونترك آلامنا، فتخلع ثياب الشخصية صارخةً في وجه المخرج: كفى حديثاً عن هموم الآخرين وقد حان الوقت لنلتفت لما نعانيه نحن، لتدخل بعد ذلك دبسي في شخصيتها الحقيقية ساردةً ما أصبح يعانيه اليوم كل إنسان سوري جراء الحرب التي تُشن عليه من كل الجهات، مؤكدة أنه من الضروري جداً أن نحكي عن أوجاعنا وأنه لا يمكن لأحد أن يفعل غير ذلك، ومن يتجاهل هذه الأوجاع أو يحاول تغييبها لن يسمعه ولن يراه أحد.
لم يعد التليفزيون مغرياً
وعن مسيرتها في عالم التلفزيون تشير ثراء دبسي إلى أنها بدأت العمل فيه منذ بداياته وقد حرصت منذ البداية على اختيار أدوارها فيه، موضحة أنها أحبت أدوارها في مسلسلات “حي المزار-خان الحرير-الثريا-غضب الصحراء” وبشكل عام ترى أن أدوارها كانت متنوعة ومتعددة، والفضل في ذلك للمخرج هيثم حقي الذي تعاونت معه في عدة أعمال وقد اكتشف قدرتها على تجسيد أدوار متنوعة، لذلك قدمت دور الخادمة والمرأة الغنية والمتسلطة، مؤكدة أنها كانت وما زالت صارمة في اختياراتها، وهدفها بالدرجة الأولى تقديم دور جيد في عمل جيد مع مجموعة متفاهمة ومحبة للعمل لأن الفنان لوحده لا يستطيع أن يقدم شيئاً في التليفزيون.
وعن قلة أعمالها في التليفزيون تشير إلى أنه في السنوات الأخيرة لم يعد في التليفزيون ما يغري في ظل الغياب الكامل لكل التقاليد التي كانت موجودة في السابق.
الإذاعة الحب الحقيقي
وانسحبت ثراء دبسي من عالم التليفزيون باتجاه الإذاعة حبها الحقيقي كما تقول والتي عوضت بها غيابها عن التليفزيون والمسرح، مبينة أن الإذاعة كانت وما زالت رفيقتها الدائمة والتي لم تنقطع عنها أبداً، مذكرة أنها تتلمذت على يد فنان كبير هو الراحل مروان عبد الحميد، حيث تعلمت منه تفاصيل ودقائق الفن الإذاعي فعملت في الإذاعة مذيعة ومقدمة برامج حتى أصبحت الإذاعة جزءاً لا يتجزأ منها، وفي مرحلة لاحقة أقنعها عبد الحميد بالعمل كمخرجة إذاعية، وبالفعل سارت في هذا الدرب وما زالت حتى الآن، وتوضح دبسي أنها قدمت عوالم التلفزيون والمسرح في الأعمال الإذاعية التي أخرجتها، رافضة جمود الممثل بحيث يشعر الممثل الإذاعي فيها وكأنه يمثل في التلفزيون أو على خشبة المسرح، مؤكدة أن الإذاعة منحتها الحرية الكاملة لتقدم ما تريد وبمساحات كبيرة، وهذا ما جعلها تستمر وبشكل ناجح فيها، إضافة إلى أنها تملك كممثلة مقومات الممثلة الإذاعية من حيث الصوت والثقافة والحضور وهي ملَكة غير موجودة عند كل فنان فليس كل فنان يمكن أن يكون ممثلاً إذاعياً ناجحاً برأيها لأن الفن الإذاعي فن قائم بحد ذاته، لذلك ما زالت حتى الآن تبحث وتتعلم دون أن يكون هدفها الارتزاق، وإنما انطلاقاً من عشقها للإذاعة ولرغبتها في إغناء المكتبة الأرشيفية الإذاعية، مؤكدة أنها فخورة جداً بأرشيفها التمثيلي والإخراجي في الإذاعة السورية، وهو أرشيف لا تقبل أن تضم إليه أعمالاً ليست بمستوى عالٍ، لذلك استطاعت أن تحرز ثلاث ذهبيات في مجال الإخراج وذهبية وفضية في مجال التمثيل من خلال مشاركاتها في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.
وعن الإخراج في الإذاعة وهي عملية إبداعية صعبة جداً توضح أن الصعوبة في الإخراج تكمن في ذاك البحث المضني والصعب عن شكل لنص من النصوص، فتقديم شكل عبر الإذاعة ليس بالأمر السهل، لذلك تعتمد في حالة الإخراج الإذاعي على بيئة العمل والصورة حيث تحلق بمخيلتها لتبحث عن بيت أو جبل أو نهر، ثم البحث عن الممثل المخلص والمناسب للشخصية التي تريدها، منوهة كذلك إلى انشغالها الكبير بفن الدوبلاج كمشرفة فيه ومؤدية والذي تشعر فيه بمتعة كبيرة، معتبرةً إياه نوعاً جديداً من الفنون وهو يحتاج إلى فنان قادر على تقمص شخصية ممثل آخر وهو أمر غاية في الصعوبة.
أمينة عباس