ثقافة

عشرة نحاتين سوريين يطلقون العنان لإبداعاتهم في ملتقى النحت على الخشب

ستبقى سورية جسر المحبة والسلام فهي وطن لكل إنسان، وموطن الإبداع الذي يتحول فيه  كل جماد إلى حي نابض بالفن والفكرة والرسالة، فيها تصنع معجزات فنية من قطعة خشب لا أكثر، وهذا ما يتم إنجازه من قبل عشرة نحاتين سوريين في قلعة دمشق ضمن ملتقى النحت على الخشب “سورية جسر المحبة” الذي تقيمه مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة بالتعاون مع معهد الفنون التطبيقية ،”البعث” تابعت فعاليات الملتقى وآليات تنظيمه وكانت لها وقفة مع مشاركات النحاتين ابتدأتها مع منظم الملتقى عماد الدين كسحوت مدير الفنون الجميلة، الذي أشار إلى أنه الملتقى الخامس للنحت على الخشب، وتمت دعوة 10 نحاتين من أجيال ومدارس ومحافظات مختلفة ممن يملكون تجربة وخبرة في فن النحت، ولهم حضورهم على الساحة السورية، مع التجديد في انتقاء الأسماء المشاركة عن السنوات السابقة، كذلك تمت دعوة خمسة فنانين شباب مساعدين من خريجي معهد الفنون التطبيقية، مشيراً إلى أن اختيار قلعة دمشق يمنح  طلاب قسم النحت، وهم في فترة تخرجهم، فرصة المشاركة واكتساب الخبرة، ما يحقق الغاية في دفع النشاط الفني في سورية وتقديم التسهيلات للفنانين ورفد الفنانين الشباب، ليكون لهم حضور على الساحة الفنية، فسورية تزخر بفنانين يشكلون إرثاً حضارياً مهماً، وواجبنا تسليط الضوء عليهم.
وتبرز أهمية الملتقيات كما ذكر كسحوت كونها تلعب دوراً في تكريس الثقافة البصرية وخلق حوار ثقافي بين الفنانين يولد حافزاً فيما بينهم وبين الجمهور الذي يرى كيف يتم تحويل القطعة الخشبية لعمل نحتي جميل يعبر كل فنان من خلاله عن ذاته وينتج أعمالاً هامة ستعرض في أماكن مختلفة وسيكون لها وجود في متحف الفن الحديث، وكسحوت واحد من النحاتين العشرة المشاركين، ويعتزم تقديم عمل فكرته سورية الحاضرة في كل أعماله من خلال التفاصيل والرموز والشخوص.

صورة بصرية
من جانبه أشار الأستاذ طلال بيطار مدير معهد الفنون التطبيقية إلى  أن التنسيق الذي جرى بين الجهات المختلفة لتنظيم الملتقى كان هدفه تقديم كل الدعم للفنانين، واختيار نحاتين لهم دور في الحركة التشكيلية، لافتاً إلى أن التجديد في اختيار الفنانين أمر جوهري فتغيير فنان هو تغيير فكرة وتغيير مدرسة، فلكل فنان أسلوبه وطريقته، منوهاً بأن الملتقى يقدم مساحة جيدة لطلاب المعهد للاستفادة من التجارب والخبرات، وكذلك لفت وضاح سلامة رئيس قسم النحت في معهد الفنون التطبيقية إلى أن الملتقى الذي يقام بشكل دوري في المعهد يقدم للطلاب الخريجين خبرة كبيرة، وهو دليل على أن الفنان السوري قادر على الخلق والإبداع، فهو ينقل صورة بصرية حقيقية ويطرح ثقافة جديدة يعممها  ليعرف الجميع معنى الفن، فأزمتنا  للأسف هي أزمة ثقافية وعلينا مواجهتها بنشر الفن في كل مكان.

إرث فني
ويشارك في الملتقى الذي يستمر لغاية 12 الشهر الجاري نحاتون وجدوا فيه فضاءً رحباً يستنبطون منه أفكاراً جديدة ليمنحوا قطعهم الخشبية شكلاً وحياةً،  حيث أشار النحات فيصل دياب إلى أن هذه تجربته الأولى مع الخشب، وهو يعتزم تقديم عمل فيه مزيج من بورتريهات تحوي تعابير معينة ومبسطة، وتعبر عن كتلة وحجم وفراغ، لافتاً إلى أن طبيعة  تضاريس مادة الخشب تكون أحياناً مختلفة عن المتوقع، مؤكداً أن ورشة العمل فيها الكثير من روح التعاون والمعرفة، بالإضافة إلى رفد العملية الفنية واطلاع الجمهور على الفن بطريقة حية ومباشرة، وتمنى أن تتوزع الأعمال على الحدائق العامة ليراها الناس فهي إرث فني كبير. ويعمل النحات مأمون كردي المدرس في كلية الفنون الجميلة على تقديم نموذج امرأة  بشكل مجرد وبخطوط بسيطة ضمن الوقت المتاح للملتقى ورأى أن جمالية وليونة الخشب عامل مساعد في العمل، مشيراً إلى أنه لا يتوانى في مساعدة وإعطاء الملاحظات الفعالة للطلاب الموجودين ومشيداً بخبرة طلاب المعهد العملية والميدانية.

المشاهدة المباشرة
كذلك ستقدم النحاتة المشاركة نسرين الصالح عملاً له علاقة بواقع الأزمة أسمته “الأمل” فحتى في أقسى الظروف ليس لدى الإنسان إلا الأمل ليعيش من أجله، فنحن نحيا ونمارس الفن، وهذا بحد ذاته أمر مشبع بالأمل، لافتة إلى أن الملتقى يتيح تنفيذ أعمال نصبية كبيرة من الصعب إنجازها خارجه وهو يجعل الجمهور يحتك مع الفنان بعيداً عن المعارض، معتبرة أن وجود الملتقى في هكذا ظروف هو تحدٍ كبير. كما عبرت المشاركة يسرى محمد المدرسة في معهد الفنون التطبيقية في عملها عن فكرة الوجود والصراع، وهي المرأة في حالة من حالات الأنثى، مشيرة إلى أن فكرة مشاهدة  تحويل كتلة ضخمة، واللعب بالسطوح وتحويلها لكائن حي هي فكرة تجذب الجمهور فالملتقى يوفر المكان والتجربة والمشاهدة المباشرة.

الفن البناء
ولفت النحات محمد أبو خالد إلى أن شكل الخشبة هو الذي يقود للفكرة، ومتعة العمل لا تضاهيها متعة وهي التعويض الأكبر للجهد المبذول، معتبراً أن الملتقيات ظاهرة حضارية وجميلة للبلد ويجب أن يوضع نتاجها في أماكن عامة، فالإنسان يجب أن يرى الفن ليرتقي ذوقه وينمي إحساسه ورؤيته، لافتاً إلى أن الفنون يجب أن تكون قبل الأزمات لتبني الإنسان القادر على الحياة مع ضرورة أن تكون الأعمال الفنية مبينة على أسس سلمية متينة،. أيضاً عبّر النحات المساعد أنطون ادلبي أن المشاركة في ملتقيات كهذه تعلمه طرقاً جديدة في التعامل مع الكتل، منوهاً بأنه عندما يتمكن الفنان من أدواته لن تعود هناك رهبة في تعامله مع منحوتته أمام الجمهور.
لوردا فوزي