ثقافة

عشتار تكرّم أبناءها

أكسم طلاع
لأكثر من ثلاثين عاماً وبيتها يشهد ورشة الفنون التي لا تتوقف عن إنجاز التماثيل في “أرض الديار” وعلى باب البيت ينتصب بعض منها، يكبر أبناء الأسرة والتماثيل يكبر عددها وتتنوع، منها ما يُحمل إلى مكانه الجديد ومنها يتحول إلى فرد من أفراد الأسرة بحكم المكان الذي احتله، هم يكبرون وهو يصغي. لا يكبر بل يشهد على  الحياة التي تليق بهم وبهذا المكان الذي يشغله الفنان النحات فيصل دياب الشاب الجولاني الشغوف بالفن والطين والجص وكل الخامات التي لا تخون فكرته، التي يجتهد ليتوقف الزمان هنا مجسداً في محراب الخلود، سارة الذياب هي والدة الفنان وسياج موهبته، سيدة لا تعرف عن الأفكار الجديدة التي تغزو بلادنا بظلامية العدم والهدم، ربت الأبناء ورعت الأحفاد وأرضعتهم حليب البلاد والقيم التي تنتمي لها.
التقيت السيدة في حفل اختتام ملتقى النحت على الخشب “سورية جسر المحبة” وشد انتباهي سرور الأم “سارة” بنجاح ولدها الذي أنجز خلال الملتقى عملاً نحتياً جميلاً، كانت تقف قرب التمثال والكاميرات تلتقط  الصور لها مع أبنائها، وتصافح أصدقاء ابنها الفنانين، وبغبطة الأم تتحدث مع الجميع وعن حبها للفن وتثني على الجميل منه.
بالفعل لقد كرّم السيد وزير الثقافة الفنانين بمنحهم شهادات التقدير وجال في معرضهم  وأثنى عليهم مشكوراً، ومشكورة وزارة الثقافة على نجاحها في إقامة الملتقى، لكن السيدة سارة الذياب بلباسها الجولاني المعروف، وبقامتها العشتارية وبوشومها المرسومة على وجهها وبحضورها البهي تكون قد كرمتنا جميعاً بوجودها بيننا، سيدة في الثمانين وبكامل أمومتها وروعتها الآسرة تكرم وتحتفي بالفن وبأبنائها الفنانين.. حقاً هي السورية الأصيلة عشتار هذا اليوم تواجه قبح الإرهاب وتعزز الحياة البقاء والمحبة.. إنها السورية الولاّدة للجمال والسلام وليست جسراً له وحسب. هنا في سورية ومن وشم يضحك على وجه سارة الذياب نواجه غريزة القتل وإقصاء العقل.. هنا حارسات الوجود .. أمهات الشهداء وهنا سارة الذياب أم الفنان والفنانين.. وهنا سورية قلب العالم الجميل ورحم حضارته.