ثقافة

حسن م . يوسف يضيء على كواليس التدليس الإعلامي المعادي : خداع وتزوير للحقائق وإيهام مبرمج بلبوس الدقة والموضوعية

“أنا من العرق العربي، الصديق القديم للشمس، الذي وجد كل شيء ثم ضيعه” بهذه الكلمات المشهورة للشاعر لوركا الأندلسي قدم الكاتب حسن م . يوسف نفسه في المحاضرة التي ألقاها في المركز الثقافي العربي في العدوي تحت عنوان “الإعلام كحصان طروادة ..مسلسل سقف العالم نموذجاً”، وقد بدأ كاتب “أخوة التراب” حديثه برواية قصة حصان طروادة الشهيرة التي يعرفها الجميع عندما أغوى الأمير باريس هيلين، وبعدها تم حصار مدينة طروادة التي استفاقت في أحد الأيام على حصان  خارج أسوار المدينة واعتبرته هدية مقدسة لا يمكن رفضها، وكما كان الحصان ظاهره سليم وحقيقته عكس ذلك تماماً، كذلك هي بعض برامج الكمبيوتر التي تتسلل إلى الحاسب وتقوم بسرقة المعلومات الشخصية، كذلك تماماً هو الإعلام الذي يوهمنا أنه ينقل صورة حقيقة، لكنه في الواقع ينقل ما يريد وكيفما يريد. سقف العالم
وتحدث يوسف عن سلسلة مقالات  كان قد كتبها في رحلاته أسماها “سقف العالم” والتي اعتبرها البعض إحياء لأدب الرحلات الذي عرف واشتهر فيه “أحمد ابن فضلان” وهو سفير الخليفة المقتدر إلى بلاد الصقالبة البلغار. وتطرق يوسف إلى “رسالة ابن فضلان” والأمور التي صادفته من أجل الوصول والتأكد من حقيقة  الرسالة، وصولاً إلى  قراره بكتابة رواية “سقف العالم” والتي قال عنها: في البداية كنت أطمح أن أرد الشتيمة للدنماركيين الذين تطاولوا على النبي الأعظم من خلال تذكيرهم بهمجيتهم كما وثقّها ابن فضلان في رسالته قبل أكثر من ألف عام، كذلك هي رسالة إلى العرب ليذكروا كيف كانوا مركزاً للإشعاع الفكري.

دراسة وحقائق
ولفت يوسف إلى انه عثر على الدراسة الطويلة التي ألّفها  البروفسور جيمس بيتراس أستاذ علم الاجتماع في جامعة بنيويورك بالتعاون مع الدكتور روبن إيستمان حول قضية الرسوم المسيئة، والتي توصلت إلى أن وراء هذه الرسوم هو يهودي أوكراني كان يعمل مراسلاً لجريدة دنماركية وأن الرسوم المسيئة لم ترسم من قبل الفنانين بشكل عفوي، بل رسمت بتكليف مسبق. ويقول الباحثان بيتراس وايستمان في دراستهم: من غير المستغرب أن يكون هذا اليهودي في مركز هذه الجدلية، وان ارتباطه بدولة إسرائيل يظهر من خلال المقابلة الدعائية التي أجراها عام 2004. ويعود يوسف ليؤكد أن الرسوم رسمت من قبل المحرر الثقافي لجريدة (بيلاندس بوستن) المدعو (فيلمينغ روز) والذي كانت مهمته تأجيج نار الكراهية المتنامية لدى المحافظين الدنماركيين ضد المهاجرين العرب والمسلمين، ضمن  صراع الحضارات بين الغرب والشرق.

مجموعة أهداف
ونوه يوسف إلى أن الرسوم المسيئة هي عملية استخباراتية الهدف الأول منها: كسر حالة التعاطف الشعبي المتنامي في الأوساط الاسكندينافية مع قضايا العرب والمسلمين، والثاني: تصوير العرب والإسلام كمعاديين لحرية التعبير بوصفها جوهر الحضارة الغربية، والثالث: إرهاب السياسيين الاسكندينافيين كي لا يسيروا في درب من دفعوا حياتهم ثمناً لمواقفهم الشجاعة مع الحق العربي، مثل وزيرة الخارجية السويدية (آنا ليند) التي اغتيلت في ظروف غامضة لدرجة الوضوح، وقد استُخدم الإعلام كسكين لقتلها  فكان بذلك هو حصان طروادة الذي ساهم  في مقتلها.

حصان طروادة
أما كيف استُخدم الإعلام في المنطقة العربية كحصان طروادة فقد أشار يوسف إلى أن الكل يعرف حجم الخداع الذي مورس علينا من قبل وسائل الإعلام، والذي كان كبيراً، حيث لجأت القنوات المعادية إلى تزوير الحقائق. وضرب لنا يوسف بعض الأمثلة عن كيفية نقل الخبر حيث تقدم كل قناة الخبر بطريقتها ووفق مصالحها،  مذكراً بمقولة الشاعر الانجليزي الفريد تنيسون “أسوأ أكذوبة هي نصف الحقيقة” مؤكداً أن القنوات الفضائية لم تعد تقدم نصف الحقيقة بل نصفي الحقيقة، عبر مزج كل حقيقة مع أخرى لا تمت لها بصلة وتنقل الخبر ضمن سياق معين تجعل المتلقي يدركها بشكل غير صحيح، ويعتقد أنه يعرف الحقيقة مع أنها في الواقع حقيقة ملفقة وغير صادقة، أمثال قناتي الجزيرة وسكاي نيوز وسواهما، وهذه القنوات عملياً كانت هي حصان طروادة.

إعلام  خادم
وختم يوسف محاضرته بالإشارة إلى عدم وجود إعلام حر بالمعنى الحقيقي في كل أنحاء العالم، فكل إعلام يحكمه رأس مال، لافتاً إلى أن الحرية كلمة فضفافة والوصول إليها صعب. أما الحرية المطلقة فلا مكان لها في أي مكان في العالم والإعلام في النهاية ما هو إلا خادم سيده.
لوردا فوزي