«فجر كوكب القردة» في الأوبرا.. مشاهد تختزل الصراعات بين البشر بعوالم افتراضية
الصراع من أجل السلام ومحاولة إيقاف الحرب، الفكرة الأساسية لفيلم “فجر كوكب القردة” الذي عُرض في دار الأوبرا ضمن أفلام المهرجان، ورغم أنه ينتمي إلى نمط الخيال العلمي المدموج بعوالم افتراضية وخدع سينمائية ومؤثرات مبهرة، تشارك في رسم الصورة المركبة وتقنية المشاهد الطويلة المتكررة،لاسيما في مشاهد المواجهة والاقتتال، إلا أنه حظي بمتابعة كبيرة وشدّ المشاهدين إلى الأنسنة وذكاء القرود، إلى شخصية سيزر (زعيم القردة) الذي احتوى في قلبه الصغير على مشاعر نبيلة ترمز إلى الجانب الإيجابي في حياة الإنسان، لاسيما حينما ردد مفاهيم نعيش من أجلها “الوطن – العائلة – الانتماء – الحب”.
الأمر اللافت أن الأنسنة التي نجح المخرج مات ريفيس مع كاتب السيناريو مارك بومباك وآخرين بإظهارها من خلال علاقات حميمة ومواقف نبيلة، أخذت المتلقي إلى عوالم مثالية، ليعود في المشهد الأخير إلى أرض الواقع بعد أن اختار المخرج نهاية واقعية بعيدة عن النهايات التقليدية للأفلام الروائية العالمية تأكيداً على نقل صورة رمزية تختزل الصراعات في كل المجتمعات وفي كل الأزمنة، حينما واجه سيزر مالكوم (منقذ المستعمرة) وأعلن قراره بأن القتال سيستمر والقردة لن توقف الحرب رغم محاولة مالكوم.
خيانة من الداخل
رسم المخرج مشهدية افتراضية لغابة القردة والحجرات الخشبية الصغيرة التي تشبه المقصورات، تعكس أضواء النيران الخافتة ألوان أطياف الغابة التي تخفي وراء سحرها كل ما يحدث في عوالم البشر.لتنتقل الكاميرا في مشاهد سريعة ومتلاحقة إلى سان فرانسيسكو التي تعيش حالة غليان إثر تفشي إنفلونزا سيميان وموت الآلاف يومياً، ليتجمع الناجون في مستعمرة صغيرة، ومن هنا تبدأ القصة إذ ينفد الوقود وتحتاج المستعمرة إلى توليد الطاقة الحرارية من السد العالي في موطن القردة.
في هذا القسم من الفيلم ركز المخرج على مواقف تعكس الجانب الإيجابي لسيزر الذي يخضع له القردة حباً وطواعية، حينما يوافق أن يستقبل مالكوم وزوجته وابنه مع مجموعة صغيرة لمحاولة إصلاح السد، ويطلب من القردة مساعدتهم ويتم فعلاً توليد الطاقة، لكن المفاجأة التي غيّرت مسار الفيلم هي خيانة كوبا الحاقد على البشرية لأنهم يعذبون القردة بوضعهم في أقفاص، ويجرون عليهم اختبارت لأبحاثهم الصحية، وفي الوقت ذاته يكن مشاعر الحقد والغيرة من سيزر، فيسرق البندقية من مالكوم ويطلق النار على سيزر ليلاً ويحرق قسماً من الغابة، ليشعل فتيل الحرب بين البشر والقردة بعد إيهامهم بأن البشر قتلوا سيزر.
استمرار الصراع
في القسم الثاني تصبح البطولة للصورة المركبة التي تعتمد على الخدع والغرافيك في تهديم الأبنية والجسور وتهاوي أجزاء المستعمرة وإطلاق الرصاص وتدافع البشر، لنصل إلى تزعم كوبا القردة وسجن القردة المقربين من سيزر واحتجاز البشر في لقطة توضح تحكمه بالمعركة.لنرى في مسار آخر من الفيلم الطرف الآخر من الموازنة حينما يقرر مالكوم إنقاذ سيزر الذي بقي ينزف طوال الليل وأخذه من الغابة وهو في حالة حرجة إلى منزل ريفي منعزل، وتمكنت زوجة مالكوم من إجراء عملية جراحية له، لتحدث جملة من المواقف الحميمة لاسيما في المشهد الذي يفتح فيه سيزر الكاميرا فيجد صورة مولوده الصغير مع ابن مالكوم.
يصعّد المخرج الأحداث عبْر النفق وصولاً إلى المعركة الكبرى التي يتمكن فيها سيزر من استعادة موقعه وقتل كوبا في المشهد المخيف، الذي يتهاوى فيه كوبا ويمسك بيد سيزر لينتشله من الموت مردداً مقولة سيزر “القرد لا يقتل قرداً” لكن سيزر يرد عليه أنت لست قرداً، أنت خائن.
وتأتي النهاية مؤلمة لكنها واقعية لاسيما في المشهد الأخير حينما يلتقي سيزر مع زوجته وولديه ويواجه مالكوم بقراره بأن القتال بين القردة والبشر لن يتوقف رغم محاولة مالكوم الذي يقول:”كنت أعتقد أن هناك فرصة”.
هذا الفيلم الذي يختزل أحداث الصراعات والحروب ويظهر نوايا القتل والغدر كان ضمن سلسلة أفلام كوكب القردة بطولة جاسون كلارك وكيري روسيل وتجاوز ساعتين ورغم إطالة المشاهد وتكرارها بصور مختلفة إلا أنه بقي شائقاً.
ملده شويكاني