ثقافة

نحو يوم عالمي للجدة.. أم الجميع

أكرم شريم

هذه المرأة المسنة (الختيارة) في حياتنا وحياة كل الشعوب في هذا العالم، والتي قضت حياتها المديدة الطويلة وهي تعمل وتقدم الخدمات لكل أفراد أسرتها، وكل ما يحتاجون ويريدون، تركض بهم ولهم ومن أجلهم طوال النهار وأرجاء الليل، وبحب وتقدير دائمين، وبانشغال عام بهم لا يتوقف منذ أن كانت فتاة صغيرة، فالفتاة تساعد أمها، هي تحب ذلك وتسرع، وتقوم بذلك وهي تلميذة في المدرسة ثم طالبة تركض إلى العمل وتقديم الخدمات، ولا تفعل ذلك بهذه الديمومة وبشكل طبيعي إلا لأنها تحب ذلك، وحين تكبر وتتزوج فإنها تنجبنا وتربينا، هذا فضلاً عن عملها الدائم منذ طفولتها وصباها في تقديم كل الخدمات لأفراد أسرتها وعائلتها ولكل من يطلب وقبل أن يطلب، ولا نستطيع أن نسأل أو نحصي كم مرة قدمت الخدمات هذه الإنسانة الجدة (الختيارة) والكبيرة بقلبها وحرصها الكبيرين اللذين لا حدود لهما، فنحن إذاً لا نستطيع أن نحصي ما قدمته من الخدمات والحب والحرص طوال عمرها الطويل هذا، ولا أية جهة في الإحصاء، رسمية كانت أو رياضية، أو حتى من الأجهزة الرقمية، ومع ذلك ننساها أحياناً ونهملها، وغالباً ما تقل قيمتها ومكانتها كلما كبرت، فما أجدى بهذا العالم إذاً وعن طريق الأمم المتحدة وكل العارفين والمعنيين أن نخصص لها يوماً واحداً في العام، نتحدث عنها وعن حبها طوال عمرها لأفراد أسرتها وللجميع، وعن خدماتها وأعمالها الإيجابية دائماً والأمومية وبحرص سريع ولا يتوقف.. هذه الجدة الحلوة أين هي الآن في حياتنا وحياة كل شعوب العالم؟ ولماذا لا نسمع لها صوتاً ولا نسمع صوتاً يتحدث عنها وهي أم الجميع وربت وعملت بالحب والمحبة للجميع، وتنازلت طوال حياتها عن كل حقوقها وعن طيب خاطر دائماً لأفراد أسرتها ولجميع أفراد العائلة وللجميع أيضاً، وهي في كل ذلك، ودائماً وأبداً تعطي بلا حساب ودون أي مقابل ولا تطلب إلا الرضى ولا تريد إلا أن يكونوا سعداء ومتحابين، يتعاونون كما تحب وتفعل دائماً، ومهما كبروا وكبرت ومهما صار عندهم من الذرية “أبناء وأبناء الأبناء والأحفاد وأحفاد الأحفاد”  فهي وفي عمرها الكبير هذا تتابعهم جميعاً وتحب لهم الخير وتعطي النصح دائماً وتعرفهم جميعاً وبكل ما يفعلون وتثني وتنصح وكأنهم لايزالون في رعايتها وهم صغار، لأن قلب الأم هو من ضمن ما يحتوي عليه قلب هذه الجدة الحلوة والمحبوبة والحبيبة والرائعة، ونحن نتذكر الطفل والأم ولا نتذكر أو لم نتذكر بعد هذه الأم الكبيرة، أم الجميع في هذا العالم، فهي قد ولدت الجميع، من يقول لا؟!.. وقد ربت الجميع وأحبت الجميع وتتابع أخبارهم جميعاً ومن باب الحب والحرص، فهم جميعاً أولادها، هذه “الختيورة” الحلوة!.
فالطفلة ذاتها صارت ختيارة، والصبية ذاتها صارت ختيارة، والأم الحلوة والرائعة صارت ختيارة، وكل هؤلاء الحلوين صاروا فيها، وهكذا تكون النصيحة اليوم أن نسأل ونتساءل دائماً: ماذا يجب أن نقدم لها؟ وكيف يجب أن نتذكرها؟ وصدقوني إننا حين نفعل ذلك من أجلها فإنه رائع من أجلنا أيضاً، يا شعوب العالم، يا كل شعوب العالم في الأمم المتحدة، ويا كل المعنيين والعارفين في هذا العالم الذي أنجبته وربته وأحبته طوال حياتها هذه الأم الكبيرة الجدة المسنة، الختيارة، الحلوة والحلوة والحلوة!.