ثقافة

أخــــلاق إعــــلانـيــة

“باسم ياخور” يغني بعد أن مثل وقدم ورقص، وباسل خياط وقصي خولي يجلسون على كراسي للتحكيم في برنامج مسابقات ترعاها كالعادة مجموعة من “البراندات” العالمية كشركات الاتصالات والسيارات وغيرها، ولن يخفى على من يعرف واقع الحال، أنهم كانوا ينظرون على المتقدمون لهذه البرامج الجنونية، بالأسلوب ذاته الذي حدث وتعرضوا له من اللجنة الفاحصة التي قبلتهم في الأكاديمية السورية للفنون المسرحية، مع فارق كبير بالطبع بين كلا المجلسين، فذاك للعلم وذاك للدعاية وهيهات بين هذا وذاك.
“همام حوت” يخرج على قناة فضائية، رئيس مجلس إدارتها لص مطرود من بلاده منذ سنوات طويلة، ولم تتوقف عن التحريض الطائفي الكريه منذ بداية ما يجري في البلاد من أسى هم من بعض أشكاله، ليبدي استغرابه وتعجبه من حضور رئيس البلاد لأحد عروضه المسرحية في حلب، وكأنه يعتبر أن هذه  مذمة،  لكنه من حيث لا يدري كان يقدم الصورة الحقيقة عن هذه البلاد، التي يذهب قائدها إلى المسرح ليكون بين الناس، ثم يؤجل موعد نومه ليتابع العرض ويبقى ليسلم على فريق العمل ويحتسي معهم القهوة ويتصوروا معه، وهكذا لم يجد وصوليا كـ “حوت” إلا أن يبدي انزعاجه من وجود حراس شخصيين لرئيس البلاد، الذي ذهب إلى حلب من دمشق لحضور عرض مسرحي، في الوقت الذي كانت فيه بلاد العم سام تهدد العالم وسورية بالتحديد بالحرب التي تقرع طبولها في العراق “من ليس معنا فهو ضدنا- خطاب جورج دبليو بوش الشهير بعد أحداث 9 أيلول” نعم يا سادة “حوت” كان منزعجا من بضعة مرافقين شخصيين، في حين أن البلاد التي يختبئ فيها الآن، لا يتحرك فيها طفلا من العائلة الحاكمة إلا ومعه فيلق من الجنود وليس الحراس الشخصيين.
ابنة “سعدالله ونوس” المسرحي السوري الذي قدمت دمشق أعماله المسرحية واحتضنتها وقدمته للعالم كمتحدث باسم فنونها، دمشق التي لم تتحمل مرض أحد أبنائها فأرسلته ليعالج على نفقة إخوته من السوريين في أحدث المشافي العالمية، كما فعلت مع العديد من الفنانين الكبار وهذا ليس بالأمر الجديد على دمشق، دمشق التي أطلقت اسم “سعد الله ونوس” على واحدة من أهم قاعاتها في الأكاديمية السورية للفنون، تخرج علينا ابنته من على منبر فضائية تبث من مكان آخر في العالم لتحدثنا عن الاستبداد بلهجة تفوح منها الطائفية المقيتة وكأنها جيفة متروكة في العراء.
جمال سليمان قدم بضعة أدوار عن بعض الزعماء “جمال عبد الناصر” فصار يريد أن يتدخل بالشأن السياسي لوطنه وبالسوء طبعا لا بأي خير ولو باللسان، لكننا لم ندري لماذا لم يقم بتأدية دور المناضل واقعا في حين كان قدمه دراميا “التغريبة الفلسطينية” على اعتبار أن الرجل يتهيأ له أن ممثلا برع في تقديم دور ما، فمن الطبيعي أن يجسده في الواقعّ وهذه لعمري من عجائب الأمور وغرائبها.
والعديد من النماذج التي صرنا نراها على العديد من شاشات التلفزة التجارية في العالم التي تسيء ربما بغير قصد “دعونا نحسن الظن” لسمعة الفنان السوري وإرثه الفني وسمعته الفنية التي كانت أيضا سمعة شخصية وعائلية يورثها لأبنائه بكل فخر، فالفنان الشريف فيما يقدم لا في الدور بل بالرسالة، هو أصيل بطبعه والعكس ليس بالضرورة غير صحيح.
الغريب أن هؤلاء هم من المحسوبين على أنهم أبناء أبو الفنون “المسرح” إلا أن ما يظهروه من سلوك معيب ومخزٍ في الشكل والمضمون، يدل على أنهم متخلقين بأخلاق التلفاز الإعلانية والدعائية، لا بأخلاق المسرح، وهذا تجلى تماما في مغادرتهم لوطنهم بحجة الأمن والأمان الذي عاشوا ودرسوا وكبروا في ألفته، وعندما تعب الوطن من تكالب أسافل الخلق عليه، اختاروا أن يقفوا مع شركات الإنتاج لا مع الأب والأم والأخوة والأهل، دون أن يفوتهم طبعا أن يتغنوا بين الفينة والأخرى بحنينهم الحارق للوطن، الذي يبعدون عنه مسافة ساعة!.
فيا أيها الساقي إليك المشتكى.
تمام علي بركات