ثقافة

كويرس نبض الحياة وقوّة البقاء

لا نعرف من أين نبدأ الكتابة، وبأي حبر نكتب عن ذاك الاسم القدسي، كويرس، يرتجف القلم عندما يكتب اسمك المقدّس، عندما يكتب عن بناة الصبر الحالم ضمن امتداد مربّعك القدسي، كويرس بأي اللغات نكتبك؟! بأي أقلام نرسم صور أبطالك، أي الروايات تستطيع توصيف قوّة العزم لدى أبطالك، أهو الأدب الآن يُقرُّ بعجزه اللغوي أمام أبطال كويرس، أم المحابر يتحول حبرها إلى ذهب ورديّ الكتابة عندما يخطّ اسم (كويرس) ويكتب اسم أبطاله.
إنهم ميامين النهار ونوره القدسي، إنهم امتداد حلمٍ لمن كانوا أخوة بالدم والانتماء، أخوة لمن حُوصروا من قبل وتحرروا أو استشهدوا، المهمّ كانوا امتداد نورٍ ما زال هو  ظلّنا الأغلى، ما زالوا حكاية نورٍ لا يمكن إعرابها إلاّ وفق مستحقات العظمة الحقيقية، ما زالوا  ملحمة الانتظار الحالم، وجبروت الوقت إذ صلّى دفئاً وسلاماً على بردهم القارس، على ليالي جوعهم الطويلة، ونهارات صحرائهم المتوغّلة وحشةً وألماً، المتوغّلة ظلماً بهم، حيث لا شيء يشبه المعاناة التي مرّت عليهم وقفزوا فوقها.
كويرس كيف حال من كانوا في أفقك المسترحب وجعاً، من كانوا قربك، يُقال: البعض منهم كتب بدمائه المقدّسة، وترك خربشات ملائكية الهمس والقول في آنٍ معاً. كتب حروفاً ملائكية  فيها الكثير من رجاء الحياة، رجاء نبضها الواعد نبضها الباقي يرنو بصوته رغم وجعها القاتل وليلها القاتم.
ما زالت الحكايات تتعدّد ويتوهج ألم الروايات التي لم تُكتب من محض الخيال الأدبي، لم تُكتب من تألّق وتوهّج الفن الروائي هنا وهناك، إنما كُتبت بمحبرة من هم أجدر بالحياة، من هم أجدر بالتواجد على خارطة هيهات منا الذلة، هيهات منا الاستسلام لجوع الأيام وبردها القارس، هيهات منا الاستسلام لوجعٍ ما زلنا ندرأ ألمه بقوة التصبر على محن الأيام.
كويرس كم تتعدّد التسميات والرواية ذاتها، وحتى الأبطال هم أنجماً ما زلنا نتلهف لمعرفة المزيد من فصول حياتهم، المزيد من استحقاق المجد إن صلّى بهم، وأردنا نحنُ التقرب منه، أردنا الولوج إلى عوالم تنشد البقاء رغم يباب الزمن، رغم صحراء الحكايات المقفرة، هم كانوا  ينتظرون خلف عقرب الأمنيات الباقيات له،  كانوا ينتظرون أن تدق ساعة الانتصار الأبهى، الانتصار الذي يعني لهم، قيامات جديدة، قيامات متأصّلة النبل القدسي.
لا نعرف حقيقة المدّ الجمالي الذي يجب أن نكتب به، كل الحكايات تتشابه وتبقى المعاناة ذاتها، يبقى الصبر مداداً حقيقياً وفعلياً، لا نعرف ماهية الحياة لولا الكتابة بحروفه، والتلفظ بأسمائه، فكل الأحرف يصيبها الهذيان من حرارة وقتهم القدسي،   عندما نكتبُ عن الأمكنة وقدسيتها التي تُمنح لتلك الأمكنة على حين غرّة من الزمن.
على حين حرب نكراء مشوهة القيم، تلك الأمكنة قد نالت شيئاً من قداستهم، شيئاً من استحالة المجد الذي كتبوه فوق خيوط الشمس.
كويرس يا قصيدة البقاء رغم تزاحم لغات الموت وتزايد توابيت الأحبة، كويرس يا جلجلة الانتظار الموعود الاهتداء والارتجاء، كويرس كم نبت قمح البطولة على أسوارك وفي لحية أبطالك؟! كم نبت بين أيدي الميامين الذين كانوا للشرف العظيم عنواناً؟! كانوا عظمة الوقت إذ تداعى له مقام السموّ الأعظم. كويرس المجد لاسمك ولأبطالك العظماء.
منال محمد يوسف