اخـتـتــام الـمـنـتـدى الـحـواري حول “تعزيز البنية المعرفية والثقافية والأخلاقية للمواطن السوري”
بعد الأزمات تبنى الأوطان والشعوب الحقيقية الجديرة بالحياة هي من تجير الصعاب لتبني وتؤسس، هذا هو حال الشعب السوري الصامد المنتصر كما كان عبر التاريخ، ولأن المرحلة القادمة مرحلة بناء وإعمار وهو مايقتضي بالدرجة الأولى بناء الإنسان من هنا كان المنتدى الحواري الذي أقامته وزارة الثقافة والهيئة العليا للبحث العلمي في مكتبة الأسد الوطنية تحت عنوان “تعزيز البنية المعرفية والثقافية والأخلاقية للمواطن السوري”.
في مشاركتها تحدثت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية د. بثينة شعبان عن ثقافة البترودولار التي بدأت منذ سنوات وحاولت أن تشتري النخب الثقافية، حتى أن البعض أصبحوا يزينون نجاحاتهم بقدر مايكسبون مؤكدة أن المثقف العربي هو من يأبى أن يشرى ويباع من هنا علينا أن نعيد مكانة النخب الثقافية العربية، واعتبرت شعبان أن الشعب العربي هو نبض الشارع العربي وهو يختلف عن مواقف حكوماته، وحول استهداف قناة الميادين اعتبرت شعبان أن سبب هذا الاستهداف أن الميادين رسمت مؤشرا لبوصلة إعلامية يجب أن تتبع واليوم ليس كل من يتكلم العربية هو عربي، فالجزيرة والعربية إعلام استهدفنا مثله مثل بقية الأعداء لأنه إعلام يصرف ملايين الدولارات لتسطيح الفكر العربي، وسورية اليوم كما رأتها شعبان تشكل مرجعية للعالم العربي، وقد ظهرت بعض المصطلحات كالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقصد إلغاء مصطلح العالم العربي الذي لايوجد لإسرائيل موقع فيه، وتوقفت شعبان عند المهام التي تقع على عاتق الإعلام في إعادة تحرير الخبر وركزت على عدة نقاط منها العقل الجمعي فلا وجود للأشخاص بل للمؤسسات، ومن المعايير الهامة القدوة والوقت لأنه أثمن سلعة نمتلكها وعلينا أن نتحلى بالمحبة والتسامح، هذه المرتكزات ضرورة للانطلاق لكي نكون جديرين بذكرى أرواح شهدائنا الذين استشهدوا في معارك الدفاع عن الوطن.
سورية تعيش ميلاداً جديداً
وفي مداخلته أكد سماحة مفتي الجمهورية د. أحمد بدر الدين حسون أن سورية هي البلد العلماني الحقيقي الوحيد في المنطقة منذ 100عام شعبها يملك كل أطياف المجتمع الديني لم نكن نشعر بذلك لأن كلمة سوري تصهرنا جميعا وكلمة عربي تجعلنا نتألق مددنا يدنا بالوحدة لمصر والعراق، هذا الشعار شعار إلهي أحياها بالفكر البعثيون قبل 100 عام، وتوجه سماحة المفتي للأدباء ورجال الفكر معتبرا أن سورية تعيش ميلادا جديدا علينا أن نسارع فيه لإعادة بناء الإنسان فكرا وثقافة ومعرفة وأخلاقا بروح إيمانية، وأن تكون المساجد والكنائس بيوتا تجمعنا. وأضاف حسون أن أكثر من مئة دولة تحارب سورية باسم الدين والطائفية والمذهبية وما عشناه خلال السنوات الخمس الماضية منحنا مناعة، لأن المرض الذي لايقتل يعطي المناعة وتوجه حسون بالتحية للسيد الرئيس بشار الأسد الذي صمد وصمد معه الشعب والجيش حتى جاء الغرب اليوم ليقول لاشروط على سورية في الحوار.
هذا وكانت أعمال المنتدى قد استمرت لليوم الثاني من خلال عدة محاور حول ترسيخ مفهوم الهوية والمواطنة في المؤسسات الاجتماعية ودور المجتمع المدني في تعزيز التنمية الاجتماعية في سورية وتمكين المرأة ودورها في التربية وتماسك الأسرة والمجتمع وناقش المحور الأخير الهجرة وسبل حل مشكلاتها وتحدث في تلك المحاور كل من د. أكرم القش ود. إنصاف حمد وأ. أنس يونس، وقد ركزت مشاركة حمد على أهمية تعزيز دور المرأة وتحقيق العدالة والمساواة في التعاطي معها، مع التأكيد على أهمية القوانين والتشريعات لتحقيق ذلك. أما د. القش فقد ميز بين الهجرة والنزوح وتوقف عند الآثار السلبية للهجرة كما عرف مفهومي الانزياح وميزه عن النزوح كما قدم بعض التوصيات.
أما أنس يونس رئيس جمعية بصمة شباب سورية فقد شدد على دور المجتمع الأهلي وأهمية أن يكون شريكا للمؤسسات الحكومية في تلبية حاجات المجتمع مع التأكيد على دور الطاقات الشابة في عملية البناء.
بعد الاستماع لمداخلات الحضور وأبرزها ماطرحه كل من د. كوليت خوري ود. حسين جمعة ود. مهدي دخل الله وآخرون تمت مناقشة الاقتراحات والتوصيات قبل الختام ومن بين التوصيات التي شملت جميع المحاور: إجراء دراسات وبحوث خاصة حول آليات ترسيخ مفهوم المواطنة وتقييم طبيعة الخطاب الثقافي، مع الاستثمار الأمثل للمراكز الثقافية مع توسيع دور الفنون في التنمية الاجتماعية والثقافية وتجديد الخطاب التربوي والفكري وتوظيف وسائل الإعلام في التنمية الثقافية والاجتماعية، ووضع إستراتيجية إعلامية وطنية لتغيير الصورة السلبية عن الإعلام السوري.
وفي المجال الديني: إعداد دراسات حول أسباب التطرف الديني وآليات مواجهته مع التأكيد على أهمية التربية الأخلاقية ورفدها بنصوص من الكتب الدينية، وتأهيل الخطباء العاملين في هذا المجال. أما في المجال التربوي والتعليمي فتم التأكيد على دراسة المشكلات التربوية في ظل الأزمة وتشجيع الناشئة على الانضمام إلى الجمعيات والأندية في المدارس والجامعات والجمعيات، وأبرز توصيات المحور الأخير الاجتماعي والسكاني: إعداد إستراتيجية وطنية اجتماعية لبناء الإنسان وتعزيز روابط التكافل الاجتماعي وتطوير دور منظمات المجتمع المحلي.
جلال نديم صالح