السينما السورية تجدد شبابها في افتتاح مهرجان سينما الشباب الثاني
لم يكن افتتاح مهرجان “سينما الشباب والأفلام القصيرة الثاني” مناسبة للعودة إلى الفلاش باك وقراءة تاريخ المؤسسة العامة للسينما والجهود التي بذلها الأوائل وصولاً إلى عصر الميديا،والتوقف عند مراحل زمنية لتطور الأفلام التي عكست رؤية المؤسسة وحملت الهمّ الوطني والقومي وجسدت رائعة غسان كنفاني “رجال في الشمس” إذ أظهرت مشاهد فيلم “السينما السورية تجدد شبابها” لعوض قدرو مقتطفات من الأفلام الهادفة التي تبنتها المؤسسة مثل المتهم البريء –سائق الشاحنة -وجه آخر للحب إلى كثير من الأفلام التي جسّدت بيئات مختلفة عبّرت عن النسيج الاجتماعي والتلاحم الديني الذي تعيشه سورية بسردية واقعية.
كان الافتتاح مناسبة فعلية لإظهار إبداع السينما السورية الذي لم يتوقف في زمن الحرب بل كان مرآة عاكسة الواقع الراهن،إذ استطاع المخرجون السوريون أن يمارسوا حريتهم الكاملة في التعبير عن رؤيتهم وأسلوبيتهم الفنية بتناول ملامح الأزمة وانعكاساتها،وإيضاح وجه حقيقة الإرهاب الذي تواجهه سورية من خلال رسائل أفلامهم التي عُرضت في مهرجانات عربية ودولية رغم محاولات الحظر عليها،وحازت على جوائز،وآخرها كان فيلم “بانتظار الخريف” لجود سعيد،وتمكن الفيلم السوري من الوصول لأول مرة في تاريخ السينما السورية إلى أمريكا اللاتينية،وهذا إنجاز كبير للسينما السورية التي تصوّر أفلامها في المناطق الساخنة وعلى بعد أمتار من العصابات المسلحة وتحت أزيز الرصاص وسقوط القذائف العشوائية،ليتطرق فيلم عوض قدرو إلى مشاهد مؤلمة وموجعة ومخيفة من الأفلام القادمة الهادفة التي تنطلق من ثقافة المقاومة،وتمضي بسردية الواقعية الجديدة بخوض تفاصيل الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية وانعكاسها على الحياة عامةً بعرض مساحة الدمار والتخريب والقتل العشوائي،فتتالت مشاهد من كواليس التصوير مع ومضات من المشاهد المصوّرة لفيلم المخرج غسان شميط تحت سرة القمر،وفيلم باسل الخطيب أهل الشمس،ليأتي فيلم المخرج نجدت أنزور ” فانية وتتبدد” الذي يدخل فيه إلى سراديب داعش،ويعكس قوة السينما السورية في تصديها للفكر الظلامي من خلال مشاهد التعذيب اللاإنساني للنساء،وإظهار الفكر الضلالي المسيء إلى تعاليم الدين الإسلامي التي تحرم قتل النفس بغير حق،لتتناول المشاهد فضح أساليب داعش واستغلال الدين لتحقيق رغباتهم،ومحاولاتهم دثر معالم الحضارة بإتلاف كتب التراث الإنساني والأوابد،وتحويل المرأة التي كرّمها الدين الإسلامي إلى رقم في سوق السبايا ليختار خليفتهم من يشاء منهن،الفيلم القادم الذي يفضح بجرأة الخطوط العريضة لداعش،كما فضح ملك الرمال تاريخ آل سعود يؤكد ارتباط السينما السورية بالحياة السياسية والاجتماعية.وفي منحى آخر أوضح مهرجان الشباب رغبة المؤسسة برفد طاقاتها بجيل الشباب وإتاحة الفرصة لهم لتحقيق حلمهم باختراق أسوار عوالم السينما لاختيار المخرجين الموهوبين وإسناد إخراج أفلام روائية طويلة،وفي الوقت ذاته لم تستقطب المؤسسة المواهب الشابة من سورية فقط،وإنما منحت فرصة للمخرجة اللبنانية الشابة ميرفت قرعوني لتقديم فيلمها “نور من الشرق” الذي يتطرق إلى مسألة إنسانية شائكة تتعلق بالمرأة،وهذا ليس بغريب عن السينما السورية التي هي مرآة لسورية التي تفتح أبوابها لكل العرب.
ملده شويكاني