ثقافة

نبل والزهراء دمعتا الفخر الجديد

منال محمد يوسف
وعينُ  معشوقة السلام على النبل والزهراء, عينُ دامعة الفخر دامعة الاعتزاز, دامعة الحكايات والصمود، حكايات الوجع والبرد والجوع، وعينُ  تفيض من حيثُ  يتسع فن الاستفاضة، فن استفاضة بمفهوم النصر, بمفهوم التحدّي، تحدي الموت الذي كان قادماً من كل اتجاه، وعينُ على نصر حالم الوعدِ, عينُ  تدمع في حين يسمو الدمع, يسمع وعد الانتظار وعهد المجيء المنتظر.
عينُ  تفيض من شدة الاشتياق لمدائن الشمس, مدائن التاريخ, مدائن الوقت المتجلي بألف عنوان وعنوان، بألف من شهقات الانتظار, شهقات طفل جريح يعاني برد الحصار وألم الجوع. أي التعابير تفي تراجيدية ما يحصل؟! أي التعابير تأتي هنا واقعية المرتجى. آهٍ من غربة المدن عندما تُسبى قصائدها, يُسبى لحنها البرتقالي, و تُشرّد القوافي من أشعارها. آهٍ من حجم البلوى التي تكون مزروعة بين قوسي كلمة, تحت الحصار, أو حتى خطي العيش المائل إلى قاتمة الموت, إلى قاتمة الأحزان, إلى سواد الليل المزروع ضمن أفقية العواصف المستعرة، ضمن أفقية لا تحدّها أدنى متطلبات الحياة, أدنى متطلبات العيش الآمن، سلام على مدن حاولوا أن يصلبوا ابتسامتها, أن يدقوا صواريخ حربهم بجسدها, ويرموا بها في ذلك القاع الجهنمي.
سلامٍ على نبل والزهراء وعلى من تحرر قبلها وعلى مدائن ستتحرر وترتدي قميص التطهر من رجس الأغراب, من رجس أبناء الظلمة الشديدة الوحشية. سلامٍ على أعين  تدمع فخراً في حين يطيّبُ لحن الافتخار, تطيّبُ أحرف العزّ المعشوقة الكلام, المعشوقة الأمنيات بتحرير المزيد والمزيد من قطع مطرّزة الكرامة من الجسد السوري, الجسد أو القلب النابض حياةً، النابض محبةً وكرامةً ولكن هيهات منّا المذلة والذلة, هيهات ممن تعودوا على قيح الحياة, على جراحات أصبح الاكتواء بها شيء معتاد عليه. هيهات منّا كسوريين أن نستسلم لنوائب الدهر
نوائب الزمن إذ أظلمت شمسه ذات مرة، أن نستسلم إذ ما فُقد منا خبزُ الحياة, وخبزُ الانتماء هيهات أن  يضيع  المجد منا, أن تضيع البوصلة بوصلة الرجاء التي نعشق, فنحنُ لنا في كل يوم رجاء ملون الأعياد, متجذر عنفوان التحدي، حتى ولو جاء الزمن ذات يوم, بغمامات سوداء الأحجية, حتى ولو  جاءت ألحانه حزينة المآسي وخبيثة الأوجاع، جاءت في وقتٍ غير شجي الحياة, عينُ  تناظر النصر من كل اتجاه, ترسم له مواعيد مشتاقة الانتظار, مشتاقة التزود بأكاليل الغار, بأكاليل الصباح المرتجى، الصباح الذي طالما حلمنا به وانتظرنا قدومه بحرقة دمعة أمٍ تنتظر ابنها بعد فرقة انتظار بعد فرقة مكتوي بنار الغياب، عينُ  تناظر النصر, تناظر استحقاق القادم من الأيام, من مجدها الواعد ربما, تناظر مسميات العُلا وجرح وقتها الجميل, تناظرُ من المسميات أجملها ومن المعاني أشملها حتى إذ ما التئم جرح الغياب بجمع الشمل, بعودة أجزاء غير مجزأة من الروح إلى أفق الخارطة التي نريد ولا نريد عنا بديل، لا نريد أن يُقضم من شمسنا نورها, ومن أرضنا ما بقي سالماً أو شبه معافى. سلامٍ على كل بقعة مرّ بها رجال الجيش العربي السوري وكانوا الفاتحين لها من بعد ظلمة دهرٍ أو غيابٍ، كانوا دمعة كل فخر جديد وكل مفخرة ستُكتب، كما نبل والزهراء بسواعدهم المباركة ومحبرتهم المقدسة.