ثقافة

الجولان إرادة شعب وقضيّة وطن

بقعة غالية من الوطن لم تغب عن الذاكرة يوماً، يرنو أهلها إلى الوطن الأم سورية كحضن دافئ، رفضوا الهوية الإسرائيلية واستمروا بالمقاومة لتصبح عنواناً للصمود والكرامة. هي أرض الجولان السوري المحتل الذي يعيش اليوم ونعيش معه الذكرى 34 لإضراب أهلنا فيه، رفضاً للهوية الإسرائيلية وقرار ضم الجولان. من هنا كانت الندوة الثقافية التي أقامتها قيادة فرع القنيطرة لحزب البعث العربي الاشتراكي بالتعاون مع الهيئة السورية لضحايا العنف والإرهاب ومؤسسة أحفاد عشتار تحت عنوان: “الجولان إرادة شعب وقضيّة وطن” في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
وأكد د. خلف المفتاح عضو القيادة القطرية للحزب، رئيس مكتب الثقافة والإعداد والإعلام في كلمته التي ألقاها، أن انتفاضة أهلنا في الجولان الحبيب أكدت أن شعبنا لديه من إرادة الحياة والإرث النضالي الطويل، “ما يمكّنه من إسقاط المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة” منوّها بالمواقف البطولية لأبناء الجولان المحتل وتصدّيهم لسلطات الاحتلال وتمسكهم بعروبتهم وهويتهم العربية السورية وتشبّثهم بأرض الآباء والأجداد ومواصلة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي لتحرير كامل الجولان. وأشار المفتاح إلى المعاني والدلالات الوطنية والنضالية لمعركة الدفاع عن الهوية العربية السورية في الجولان المحتل، وأهمية “تكريس ثقافة المقاومة كسلوك عام في مواجهة العدو الصهيوني الذي لا يعرف إلا لغة القوة” ، إضافة إلى أهمية إحياء المناسبات الوطنية والقومية باستمرار لما لها من دور في تنشيط الذاكرة الوطنية التي تتعرض لاستهداف ممنهج، يهدف لمحوها مع كل النقاط المضيئة في تاريخنا، مشيراً إلى أن الحرب على سورية في جانب منها حرب على الهوية، واشتغال لإحياء الانتماءات غير الوطنية والطائفية، ونسف الفكرة الجامعة وضرب فكرة العروبة والمواطنة القائمة على التنوع، وكذلك محاولة حرف بوصله الصراع العربي الصهيوني وتحويل الصراع إلى صراعات بينية عرقية وتاريخية، خدمة للكيان الصهيوني بقيادة السعودية ودول الخليج، بهدف إلغاء كل القيم الإنسانية، وإلغاء وجودنا المادي والمعنوي.

فضل القائد المؤسس
وتحدث الإعلامي الدكتور سمير أبو صالح الباحث في قضية الصراع العربي الإسرائيلي عن ممارسات العدو الصهيوني في الجولان السوري من تدمير وقتل وتشريد، بهدف تصفية شعب الجولان، حتى لم يبق سوى أقل من 50 بالمئة من السكان الذين يتوزعون على 6قرى فقط،  فكان لابدّ من النضال الذي بدأ بالتركيز على أهمية البقاء في الأرض، ليتطور في مرحلة لاحقة إلى نضال حسب الظروف بعد رفع شعار (الاحتلال يريد البلاد دون عباد..) وتحدث عن مسار مقاومة أهلنا في الجولان، والتي سارت بمسارين الكفاح المسلح والنضال السلمي بالتنسيق مع الوطن الأم.
وفي معرض حديثه أكد أبو صالح على الفضل الكبير للرئيس المؤسس حافظ الأسد على أمته وعلى أبناء الجولان، لأنه اتخذ الإجراءات اللازمة آنذاك بعد أن فهم بشكل عميق أساليب العدو الصهيوني في الدس والتخريب. كما أشار إلى ممارسات الإعلام المضلل الذي أراد تشويه حقيقة ما يحصل في الجولان، وانجرار بعض الإعلام العربي إلى ذلك، معتبراً أن الإعلام السوري هو من قدّم الحقيقة وأن الوطن السوري لم يتخل عن أرض الجولان واستمر بدعمه بمواضع شتى في الصناعة والزراعة، واستجرار منتجاته إلى الوطن، كما توقف عند الكلمة التاريخية للسيد الرئيس بشار الأسد بأننا مستعجلون لتحقيق السلام لكننا غير مستعدّين للتفريط بالأرض ما يعنيه ذلك من التصميم على تحرير كافة الأرضي المغتصبة.

تهديدات يعاقب عليها القانون
وأضاء المستشار القانوني للهيئة السورية لضحايا العنف والإرهاب د. نعيم آقبيق في مشاركته على بعض الجوانب القانونية المتعلقة بصراعنا مع العدو الصهيوني في ما يخص قضية الجولان المحتل، مشدّداً على تلاعب الصهاينة بالألفاظ القانونية وفق ما يخدم مصالحهم وسياساتهم الاستعمارية بالاستناد للتشريعات الأمريكية والغربية التي سهلت لهم ذلك، وتوقف آقبيق عند بعض القرارات الدولية ومن ضمنها تجريم من يهدّد بالحرب على دولة أخرى، وهو ما نشاهده اليوم من بعض الدول العربية تجاه سورية مؤكداً أن ذلك بمثابة جريمة يعاقب عليها القانون، ما يقتضي ملاحقة تلك الدول قانونياً.

عودة الجولان واللواء قريبة
المشاركة الأخيرة كانت للدكتورة أيسر ميداني رئيسة مؤسسة أحفاد عشتار بعنوان:  “محاربة الإرهاب خطوة على طريق تحرير الجولان” وفيها تحدثت عن الإرهاب الذي انتشر مع الصهيونية منذ بداية القرن الماضي، مع منظماته الإرهابية التي طالت كل مكان، وتوقفت ميداني عند الإرهاب الذي يتعرض له شعب الجولان السوري على يد الصهاينة من قتل وسجن وتجويع ونهب ومنع أي مظهر يعبّر عن الانتماء للوطن الأم سورية، ورأت أن ما تتعرض له المنطقة تحت مسمى الربيع العربي أُنتج في المخابر الصهيونية، وبدا ذلك واضحاً في سورية من خلال الدعم اللوجستي لإرهابيي جبهة النصرة وعلاج جرحاهم وقصف مواقع للجيش السوري من قبل العدو الصهيوني، إضافة لاغتيال عدد من أبرز رجال المقاومة واعتقال بعضهم. وفي ختام مشاركتها أكدت ميداني على أهمية مقاطعة إسرائيل لأن سورية هي الدولة الوحيدة التي تقاطعها مع ضرورة التعريف الدائم بقضية الجولان في المنابر الدولية، وتشكيل لجان دعم محلّية في سورية دعماً لأهلنا في الجولان ولواء اسكندرون. كما وجّهت ميداني برقية باسم الجمعيات والمؤسسات الأهلية في سورية تحيّي من خلالها صمود الجولان، مع التأكيد بأن الجولان أرض سورية وأن عودته مع اللواء السليب قريبة بعد تطهير أرض الوطن من رجس الإرهاب.
وفي ختام الندوة وجّه المشاركون برقية باسم جماهير محافظة القنيطرة أكدوا فيها أن الأهل الصامدين في الجولان العربي السوري المحتل مضرب المثل في الصمود والتضحية في تحدّيهم للمحتل الغاصب وأن ليل الاحتلال إلى زوال.
حضر الندوة عدد من أعضاء مجلس الشعب ورئيس اتحاد الصحفيين ومستشار السفير الإيراني بدمشق وأعضاء قيادة فرع الحزب والمكتب التنفيذي بالقنيطرة ورؤساء النقابات المهنية في المحافظة ورجال دين وفعاليات شعبية واقتصادية.

جلال نديم صالح