ثقافة

إبداع ومبدعون

سلوى  عباس

في تقديمه للأمسيّة التي أحيتها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية، تحدث المدير العام لدار الأسد للثقافة والفنون د. جوان قرجولي عن الادعاءات الكثيرة التي يطلقها البعض حول تأسيسهم للفرقة، مؤكداً أن الفرقة أسستها ورعتها وزارة الثقافة، وهذا الكلام نؤيده فيه ونؤكد عليه، فلايمكن لأي فن أن ينهض دون رعاية الدولة له، لكن بالمقابل ما كان لهذه الفرقة وغيرها من الفرق أن ترسي أسساً علمية تقوم عليها موسيقانا وينتشر عبقها في العالم لولا المبدعون من الموسيقيين الموهوبين الذين أتحفونا بإبداعاتهم في هذه الأمسيّة وغيرها من الأماسي التي حققوا فيها بصمتهم الفنية على المستوى العربي والعالمي، ولازالوا مستمرين في فضاء الفن مستلهمين وصايا أساتذتهم الذين سفحوا عمرهم ليرسموا للموسيقا مستقبلها الذي يعيشه الآن محبوها، حيث أخذ كلّ منهم يرسم حلمه فتشكلت فرق  متعددة، بأسماء تنبض بروح الأصالة. هؤلاء الموسيقيون الذين رغم زحمة الحياة وحالة الألم والأسى التي تلف حياتنا مازالوا يتيحون في الحياة فسحة للفرح، منطلقين من إيمانهم  بأن الثقافة تعبير عن حضارة البلد الذي تنشأ فيه بكل أبعادها المادية والروحية والفكرية، وحضارة الأمم تقاس بما تعطي هذه الأمم من إبداع وتحديداً في المجال الروحي كالإبداعات الفنية والأدبية، كالموسيقا التي أكثر ماتحتاجه جمهور ناقد يميز بين الجيد والرديء في الفن، وملحن يمارس النقد الذاتي ويبحث في أعماق أسرار روحه وعقله، وعازف قادر على ترجمة تلك الرؤية وتحويلها إلى ممارسة على مستوى السلوك والعلاقات الإنسانية.. وهذا ماأكد عليه الجمهور الذي حضر هذه الأمسيّة، متجاوزاً كل الصعوبات والمحن، خاصة وأنه في السنوات الأخيرة بدأت الموسيقا تأخذ موقعها اللائق بين الفنون، فناً يتعاطاه الناس بالفطرة بإصرارهم على حضور الأماسي الموسيقية،أينما كانت، ليسمو الجميع بالحياة للمستوى الذي يليق بوطنهم. ما يشكل حالة من التناغم والانسجام تبادل فيها عشاق الموسيقا، متعة الإحساس الذي يلامس شغاف القلب ويمحو عنه ما تراكم من غبار التعب والأسى، ما أتاح لأعضاء الفرقة حالة من التألق، والتعبير عن مقدراتهم ومواهبهم التي جعلت المكان ينبض بالحياة، حيث يشيع الدفء والسحر وتتألق الروح في أنشودة محبة اجتمع الحاضرون على أنغامها.