ثقافة

إعادة الاعتبار للكتاب

أمينة عباس
يحلو للعاملين في الحقل الثقافي من مبدعين ونقاد ودارسين ومتابعين إطلاق صفة “الأزمة” على العديد من مناحي العمل الثقافي، وهو أمر ليس بالجديد على الحياة الثقافية العربية، إذ كثيراً ما سمعنا في السنوات الماضية عن أزمات الشعر والرواية والقصة والنقد والمسرح والسينما.. إلى آخر ما هنالك من مناحي العمل الثقافي حتى بات الحديث عن أزمات الثقافة أكثر من الحديث عن الثقافة بحد ذاتها، وهو أمر عائد إلى نظرة تشاؤمية طالما صبغت طبيعة العديد من المثقفين العرب الذين يحلو لهم العيش على أنقاض الأزمات الثقافية أكثر من التنعم بثمرات الثقافة بحد ذاتها.. وفي حال سلّمنا بوجود أزمات في حقل العمل الثقافي العربي فإن العاملين في حقل الثقافة العربية كان لهم دور كبير في إيجاد أزمات العمل الثقافي من خلال القيام بأدوار سلبية كانت السبب الأساس في إيصال الثقافة العربية إلى حافة الهاوية في الكثير من أوجه نشاطاتها وفعالياتها.. وبطبيعة الحال لم يسلم الكتاب العربي من تبعات الحديث عن الأزمات الثقافية، بل شكّل في كثير من الأحيان الوجه الأبرز لهذا الحديث، خاصة بعد القفزة التكنولوجية الهائلة التي طرأت على وسائل التواصل والتي نقلت الكتاب العربي من مرحلة السيطرة على الخارطة الثقافية العربية إلى مرحلة الانخراط في عملية التراجع المتواترة في العمل الثقافي لصالح أشكال مختلفة من وسائل التثقيف المعاصرة.. وفي ضوء هذه الحقيقة على المعنيين بشؤون الكتاب العربي اليوم، من كتّاب وناشرين وجهات إشراف وإنتاج ثقافي أن يعيدوا للكتاب العربي رونقه وسمعته، خاصة بعد تسلل مجموعات من الكتبة الذين يحاولون التسلق على البنيان الذي أشاده لنفسه الكتاب العربي على مدى عشرات السنين، بل مئات السنين إذا أردنا الدقة وذلك من خلال ممارسات مسيئة ليس أقلها تقديم كتب تدّعي في عناوينها ما ليس فيها، إذ كثيراً ما صادفتنا في السنوات الأخيرة كتب ثرّة العناوين، لكنها فارغة المضمون أو على الأقل لا تتناسب مضامينها الفقيرة والضحلة مع عناوينها المفخمة والواسعة، كأن يطالعنا مثلاً كتاب يدّعي في عنوانه أنه يتحدث عن تاريخ الأدب العربي بينما هو في الواقع لا يعدو أن يكون أكثر من بقع ضوئية باهتة على أجزاء متناثرة من هذا التاريخ، أو كأن يدّعي كتاب آخر في عنوانه، شموليته لمناحي العمل الإعلامي والصحافي في الوطن العربي بينما في الواقع يتجاهل أبرز التجارب الإعلامية والصحفية في الوطن العربي.. وقِس على ذلك العديد من النماذج.
وفي ضوء ما تقدم فإن على القائمين على شؤون الكتاب العربي أن يعيدوا الاعتبار لهذا الكتاب من خلال تخليصه من كل ما علق به من شوائب على مدار سنوات عمره الطويلة.