ثقافة

سطوة الأزرق

 

يشكل “الفيس بوك” هذا الفضاء الأزرق  مجتمعاً افتراضياً كبيراً لا حدود له، لكن أن تصل صلاحيات من يجلس وراء هذه النافذة الصغيرة لتغيير وتعيين واستلام أشخاص هو أمر لا يمكن أن يستوعبه العقل.

بدأت القصة عندما وصل لفتاة، سمعتها بطريق الصدفة تتحدث مع صديقتها في وحافلة النقل، طلب صداقة من شخص لا تعرف من هو، وعند رؤية صفحته وجدته شخصية يمكن أخذها بعين الاعتبار من حيث العمل والعمر، فهو رجل في خمسينيات العمر.
في الواقع، كانت غلطة الفتاة أنها وافقت على الطلب فلم تلبث أن وافقت حتى وصلتها مباشرة رسالة على الخاص “شكراً لقبول الصداقة”، ورحبت الفتاة بكل لباقة بالصديق الجديد، وبدأ الحديث بالتعارف وأرسلت الفتاة بأنها تعمل موظفة في إحدى مؤسسات الدولة، وكان جوابه على الفور آنسة (؟) يمكنني أن أساعدك وأجعلك تستلمين رئاسة القسم الذي تعملين فيه، فاستغربت الفتاة بابتسامة خفيفة لا تخل من الدهشة أبداً، وقالت لصديقتها هل هذا الرجل يستخف بي؟ فهو لا يعرفني أبداً وقدّم هذا العرض، فكم من الأشخاص يمكن أن يكتب إليهم ويقدّم هذا المنصب لهم؟ ولكي تتخلص الفتاة من دائرة هذا الحوار غير المجدي أغلقت المحادثة دون الاكتراث لما سيقوله بعد ذلك.
في الواقع، وأنا استمع إلى حديث هذه الفتاة سألت نفسي هل استطاع هذا الفضاء الافتراضي، بعد أن وصل إلى مرحلة يقدر فيها مستخدم “الفيس بوك” التعبير عبر صور متحركة عن حالة معينة عند قراءة أي منشور سواء كانت حالة فرح أو غضب أو إعجاب، أن يصل لمرحلة أكثر تطوراً يصبح فيها “صاحب القرار” في التغيير وتسليم منصب أو أخذ كرسي من شخص ووعد آخر بهذا المكان دون أن يعرف من هو؟ ودون أن يعلم إن كان صالحاً لهذا المنصب أو إن كان عمره مناسباً!.
يبدو أن هذا الفضاء كان وما زال وسيبقى مجالاً للكتابة فقط دون الاكتراث إلى المشاعر والحالات التي يمكن أن يصل إليها القارئ، والأحلام التي يمكن أن يبنيها إثر هذه الكلمات التي تلامس حلماً جميلاً يمكن أن يكون “يوماً ما”، ومن خلال هذه الدردشة البسيطة يمكن أن يتحقق الحلم بسرعة أكبر مع فارق المدة الزمنية التي ستكون لصالح الحالم.
جمان بركات