ثقافة

جوقة الفرح:من دمشق إلى العالم.. الأب زحلاوي مكرماً في الأوبرا

أجمل ما قيل عن الأب إلياس زحلاوي ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد عنه:”لا أعرف شخصاً أعمق انتماءً وأشد حباً لسورية من الأب إلياس زحلاوي” المقولة التي بدأت بها د.بثينة شعبان كلمتها في أمسية تكريم الأب زحلاوي مؤسس جوقة الفرح، وسفير سورية في كل العالم لنشر رسالة المحبة والسلام، بصوت أطفال سورية وشبابها الذين واجهوا الإرهاب.
كان الصليب المقدس على خشبة مسرح الأوبرا شاهداً على الأب زحلاوي الذي  نذر نفسه لخدمة الإنسانية وزرع المحبة والثقة في أعماق أطفال سورية الذين سيتابعون المسيرة، وكان العلم السوري شاهداً على إرادته حيث أخرج الجوقة من جدران الكنيسة ليصدح صوت أجيالها في كل العالم، يغنون بألحان شرقية أغنيات وطنية تجمع كل الأطياف وتعبّر عن التعايش المشترك.
سجل توثيقي سرد تاريخ جوقة الفرح والصعوبات التي اعترضت طريق الأب زحلاوي، وإنجازاته من خلال كلمات لأشخاص عاصروه وكانوا أصدقاء للجوقة، تخللتها فقرات غنائية قدمها أعضاء جوقة الفرح من أجيال مختلفة، وتناوب على قيادة الجوقة مساعدو الأب زحلاوي، منهم كلوديا توما ود.حبيب سليمان ورجاء الأمير ومروان نخلة وغيرهم، ترافقهم الشاشة بعرض صور معالم دمشق الخالدة الشامخة لجبل قاسيون، إضافة إلى صور من أمسياتهم وتدريباتهم، ورحلاتهم.
مفاجأة الأمسية كانت عرض فيلم تسجيلي لأعضاء جوقة الفرح الذين سافروا إلى كل دول العالم وكونوا عائلات، لكنهم مازالوا على تواصل مع الأب زحلاوي يتمسكون بسوريتهم وشرقيتهم وصلاتهم لتكون عوناً لهم في غربتهم، كما استقبل الأب زحلاوي على المسرح أعضاء الجوقة الذين مازالوا مستمرين منذ تأسيسها  حتى الآن.
خيمت على الأمسية أنشودة فرح بنجاح الجوقة طيلة أربعة عقود وتألقها والتفاف الجاليات العربية والأجنبية حولها، وتعاونها مع الفنان الراحل وديع الصافي الذي كان حاضراً بألحانه لها وبصوره. لكن الأمر الذي أثّر في الحاضرين كان وصية الأب زحلاوي حينما قال:”لو خيّرت بحياة ثانية لاخترت الكهنوت، وجوقة الفرح أمانة بأعناق السوريين”.

رسالة المحبة
استهل الأمسية د. حبيب سليمان أحد مساعدي الأب زحلاوي وأحد قادة جوقة الفرح بكلمته التي وصف بها الجوقة بأنها”ناي تسبيح” موضحاً بأنها حملت رسالة روحية ونفسية ومجتمعية، وتحدث عن علاقته بالجوقة وبالأب زحلاوي والعلاقة التي ربطتهم بالفنان الراحل وديع الصافي، أما أحمد الخطيب من أصدقاء الجوقة فعاد بذاكرته إلى عقود خلت حينما كان الأب زحلاوي شاباً ورأى في أطفال سورية طاقات قادرة على الإبداع، فانطلق من كنيسة سيدة دمشق مؤسساً الجوقة التي ضمت عدداً من الأطفال غرس في أعماقهم حبّ الوطن والشعور بالمسؤولية والمحبة والكثير من الصفات والقيم النبيلة، وأجمل ما فيها العمل التطوعي الدؤوب مشيداً برسالة الجوقة التي تنشد المحبة والكرامة لكل إنسان .

رجل الضوء
وكانت كلمة الإعلامي غسان الشامي مختلفة إذ انساقت بروح شعرية بما يشبه القصيدة النثرية دمج فيها بين روح الأب زحلاوي ونهر بردى والصفصاف ومعالم دمشق التي عشقها ووصف جوقة الفرح بأنها “أصبوحة صلاة دمشقية”، والأب زحلاوي برجل الضوء الذي ينثر المحبة ويصمم على نشر الموسيقا والغناء رغم كل الألم الذي يحيط بنا.

رسائل شوق وحنين
بعد وصلات غنائية وطنية قدمتها الجوقة عُرض فيلم تسجيلي بعنوان “المغتربون” اتخذ طابع المباشرة بتسجيل رسائل من أعضاء الجوقة الذين أمضوا سنوات في الكورال وعاشوا أجمل اللحظات، انطلقوا في مسارب الحياة وعاشوا في بلاد الاغتراب، لكنهم مازالوا على تواصل مع الأب زحلاوي يتمسكون بتعاليمه بشرقيتهم وصلاتهم وكلماته التي تمنحهم القوة والثبات في اغترابهم، متمنين لأولادهم أن يعيشوا التجربة التي عاشوها في جوقة الفرح كانت مفردات مؤثرة حملتها رسائل شوق وحنين، كرسالة مايا مطر من كاليفورنيا “أنت المحبة أنت العطاء”.

ثقوا بسورية
وفي كلمته شكر الأب زحلاوي الله الذي منّ عليه وخلقه في سورية وألهمه الاهتمام بالأطفال والشباب، فتحدث عن طاقات الأطفال المذهلة، وتحدث عن تطور الجوقة وتخطي كل الصعاب، ووصل صوتهم إلى كل العالم، والتفت حولهم الجاليات العربية والأجنبية، متوقفاً عند رحلة الجوقة الأخيرة إلى فرنسا التي وصفها بأنها “سورية بامتياز”. وأوصى بالجوقة كأمانة في أعناق السوريين، موجهاً كلمة إلى أطفاله: “أحبكم كثيراً ثقوا بأنفسكم وبربكم وبأرضكم وبسورية التي تطلق صوتاً محباً جذاباً يحمل رسالة سورية إلى العالم”.
وفي ختام الأمسية تم توزيع الكتاب التوثيقي عن مسيرة جوقة الفرح وتاريخها بعنوان “جوقة الفرح من دمشق إلى العالم” مزدان برسوم على لوحة الغلاف تهمس بعشق دمشق بيوتها حاراتها ورودها في ظل العلم السوري رمز هويتنا ووطننا.
وقدم أعضاء الفرقة الذين استمروا معها منذ تأسيسها درعاً  تكريمياً للأب زحلاوي على ما بذله من جهود لتطوير الجوقة ونشر رسالتها في سورية والعالم طيلة هذه العقود
ملده شويكاني