ثقافة

بعد اختياره عضواً في لجنة تحكيم مهرجان الفيلم السينمائي الدولي المفتوح بدكا: قصي الأسدي: السينما عشقي الأول

بعد مشاركة فيلمه “القبّار” في العديد من المهرجانات العربية والدولية يشارك الفيلم الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما قبل عامين ” تأليف ربى الحمود ” ضمن مشروع سينما الشباب في مهرجان الفيلم السينمائي الدولي المفتوح المقام حالياً بدكا-بنغلاديش- كما سيشارك لاحقاً في مهرجان وزاريك بالولايات المتحدة الأمريكية بولاية ميسوري وولاية لوس أنجلس وبمهرجان عمار الشعبي للأفلام بالعاصمة الإيرانية طهران، كما اختير مخرجه كعضو لجنة تحكيم في  مهرجان الفيلم السينمائي الدولي المفتوح ضمن فئة الأفلام القصيرة الروائية في الوقت الذي كان ينهي فيه فيلمه الجديد “ما زلت حياً”.. إنه المخرج الشاب قصي الأسدي الذي التقته “البعث” وكان الحوار التالي معه:

القبار
< أية خصوصية يحملها فيلم “القبار” ليحقق هذا الحضور الكبير في المهرجانات العربية والدولية؟
<< حقق ويحقق ذلك لأنه يحمل دلالات ومفردات سينمائية عميقة، فالرمزية الكبرى التي يحملها الفيلم وعنوانه هي نبات القبار المتجذِّر الذي ينبت بين الصخور في مناخ قاسٍ، ومهما تم اقتلاعه يعود وينبت من جديد، فالعائلة السورية التي تعود لمنزلها بعد الحرب والدمار والإصرار على البقاء أشبه بتلك النبتة المتجذرة تماماً، كما قدمنا مصداقية كبيرة عبر تصوير الفيلم في منطقة ساخنة ومدمَّرة جراء الحرب.
< كيف تمّ اختيارك كعضو لجنة تحكيم في مهرجان “الفيلم السينمائي الدولي المفتوح” في بنغلاديش؟ وأهمية وجودك كعضو لجنة تحكيم فيه؟.
<< تم اختياري بعد أن راسلتُ المهرجان بفيلمي “القبار” للمشاركة بدورته الجديدة، حيث تم اختياره من قبل لجنة التقييم ليتم تضمينه في المهرجان، وبعد دراستهم لسيرتي الذاتية أرسلوا لي دعوة لأكون عضو لجنة تحكيم أفلام الاختيارات النهائية لمهرجان 2016، وأنا بدوري اخترتُ فئة الأفلام الروائية القصيرة للتحكيم فيها، علماً أن المهرجان يضم ٤٠٠٠ فيلم.. وبالنسبة لمشاركتي كعضو لجنة تحكيم في المهرجان فهي مهمة جداً لي على الصعيد الشخصي، حيث ستضاف لسيرتي الذاتية شهادة تحكيم دولية من مهرجان سينمائي دولي كبير.
< المتتبع لمسيرتك الفنية يلحظ انحيازك للفيلم السينمائي القصير، فهل هو انحياز لما تحب وتريد؟ أم أنه انحياز بحكم الضرورة؟.
<< لا أنحاز للفيلم القصير، ولكن بحكم الضرورة لعدم وجود فرص تقديم أعمال روائية طويلة، وعدم وجود شركات خاصة تنتج أفلاماً سينمائية.
< ما الذي يغريك في الفيلم السينمائي القصير خاصّة وأن جمهوره قليل وفرص عرضه أيضاً قليلة؟.
<< الفيلم السينمائي القصير نخبوي، وله خاصيته، حيث يحتاج لدقة عالية بالتعاطي مع رمزيته وكثافة فكرته وقصر زمنه، فهو يعد أصعب من الفيلم الروائي الطويل.
< كيف تفسر غيابك عن الدورة الثالثة لمهرجان سينما الشباب؟.
<< سبب غيابي عن دورة عام 2015 هو أنني قدمتُ نصاً كانت تكلفته الإنتاجية أكبر من حجم ميزانية المنحة، فلم يكن هناك توافق بين المنحة والفيلم لتنفيذه.
< ما هو تقييمك لمسيرة مشروع سينما الشباب بشكل عام؟ ولما قُدّم في الدورة الثالثة تحديداً؟.
<< بالنسبة لمسيرة مشروع دعم سينما الشباب لم ألاحظ أي تطور على صعيد المنحة، ولكن هناك تطور في التعاطي مع تنفيذ المشاريع، ولهذا السبب كانت الدورة الأخيرة أنضج من سابقتها.. وبكل الأحوال الشكر والتقدير للمؤسسة العامة للسينما على ما تقدم من منح للشباب في ظل هذه الظروف التي نعيشها جميعاً.

الإخراج التلفزيوني
< انتقدت لجنة التحكيم في الدورة الثالثة وعلى لسان المخرج نجدت أنزور تواضع الأعمال التي قُدّمت، خاصة تأثّر صانعيها بفن التلفزيون، فما رأيك بهذا الكلام؟
<< الانتقادات التي وجِّهَت للمشروع الأخير بتأثر صانعي الأفلام بفن التلفزيون هي صحيحة وبمكانها، إذ كان هناك بالفعل بعض الأفلام بعيدة جداً عن هوية الفيلم السينمائي، أما الانتقادات التي وجِّهت لتواضع الأعمال فأنا لا أوافق المنتقدين على انتقادهم لأنهم لو علموا بظروف المنحة وآلية تنفيذ المشاريع لما كانوا وجهوا تلك الانتقادات.
< كيف السبيل لتطوير هذا المشروع ليحقق نتائجه المرجوّة؟.
<< لكي يتطور مشروع دعم سينما الشباب وينتج عنه جيل سينمائي جديد يجب رفع سقف المنحة مادياً وإعطاء وقت أكثر لتنفيذ المشروع، وعقد اجتماعات بين المخرجين والقائمين على المشروع، لدراسة تلافي الأخطاء والمشاكل التي تواجه المخرج وفريق الفيلم أثناء تنفيذه، كما أطمح وغيري من الشباب مستقبلاً لتطوير المشروع أكثر وإنشاء مشروع جديد للمتقدمين بالمشاريع السابقة للأفلام القصيرة لتنفيذ مشاريع أفلام روائية طويلة، فبهذه الطريقة يتم العمل جدياً على إنشاء جيل سينمائي جديد يطرح أفكاراً جديدة تضيف للسينما السورية روحاً جديدة برؤى متنوعة.

ما زلت حياً
< ماهو تقييمك لمستوى الأعمال التي فازت بجوائز مشروع سينما الشباب في الدورة الثالثة؟ وهل تستحق هذه الجوائز بالفعل؟.
<< كان مستوى بعض الأفلام جيداً قياساً للدورات السابقة، أما بالنسبة للأفلام التي فازت فكان بعضها يستحق الجوائز والبعض الآخر لا يستحق، فهناك أفلام ظُلِمت بعدم نيلها جوائز.
< ما رأيك بظاهرة المخرج المؤلف في مشروع سينما الشباب؟ أسبابها ونتائجها؟.
<< ظاهرة المخرج المؤلف ليست ظاهرة جديدة، فمن ولادة السينما هناك المخرج المؤلف ونسبة كبيرة من مخرجي العالم يعملون بهذه الطريقة، ولكن أنا أفضِّل عدم انحياز المخرج لنصه، إذ يجب التنويع دائماً بأخذ نصوص من كتّاب آخرين حتى لا يكون هناك تشابه بطريقة الطرح والتعاطي مع الأفكار المقدمة.
< اتجه عدد من المخرجين السينمائيين نحو التلفزيون.. ما تفسيرك لذلك؟.
<< لا ألوم أي مخرج أو أي فنان سينمائي يهاجر نحو الدراما التلفزيونية، فسبب ظاهرة هجرة المخرجين السينمائيين نحو التلفزيون من أجل الكسب المادي.. الدراما التلفزيونية على الصعيد المادي أفضل من الفيلم السينمائي، وهذا بسبب أن عجلة السينما السورية تدور بشكل بطيء ومحصورة ضمن المؤسسة العامة للسينما وبعض الأفلام المستقلة الخجولة، فالمؤسسة العامة للسينما مشكورة لما تقدمه من إنتاجات، لكن هذا لا يكفي.. يجب على الشركات الخاصة أيضاً خوض هذه التجربة والعمل على تحديث صالات السينما وتحريك عجلة الإنتاج السينمائي السوري أكثر وأسرع ليصبح أهم من الدراما السورية، فالفيلم السينمائي هو سفير بلده عالمياً أكثر من الدراما التلفزيونية.
< حدّثنا عن فيلمك الجديد “ما زلت حياً” الذي انتهيتَ من تصويره؟.
<< “مازلت حياً” تأليف الكاتب غيث محسن دياب وإنتاج المؤسسة العامة للسينما وتم تصويره بدمشق، وحالياً أقوم بالعمليات الفنية واللمسات الأخيرة ليكون جاهزاً للعرض، وهو من بطولة راميا زيتوني، محمد مسالمة، رزان نعوف، همام الأحمد، نور زيتون والطفل ربيع جان.. والفيلم مقاربة نفسيّة مكثفة لحالتين متوالدتين من بعضهما تكوّنهما حالة الخطف في ثنائية المخطوف ومن ينتظره، فالحدث الذي يحمل الفيلم بسيط جداً وتمّ نحته لتكوين معادل رمزي يُحيل الفكرة نحو فضاء أوسع للتلقي، فالنصر مثلاً بمعظم أبعاده حتى لو كان حليف الإنسان في أيّ صراع أو معركة بمستوياتها المختلفة لا يتحقّق بمجرد الفوز أخيراً، فالمفاوضات تحدث دائماً والتسويات كذلك ترسم التفاهمات وترضي الجميع، لكن في أعماق الإنسان زوايا معتمة وهناك ما يُستَلَب، وكل مفاوضات الأرض لن تستطيع مهادنته أو تعويضه، أما على صعيد الشكل فسيكون أكثر نضجاً عن مشاريعي السابقة.

أمينة عباس