ثقافة

جائزة الدولة التقديرية للعام 2016: الآداب لــ د. خوست .. الدراسات والنقد لــ قجة..الفنون لــ المصري .. باقة سورية بامتياز

في كل مرة تعلن فيها وزارة الثقافة عن أسماء الفائزين بجائزة الدولة التقديرية غالباً ما يتم الإجماع على تلك الأسماء المختارة في مجالات الفنون والأدب والنقد والدراسات والترجمة، الأمر الذي يؤكد أن الاختيار يخضع لدراسة حقيقية ودقيقة من قبل لجنة تعمل بعناية شديدة، لاختيار من يستحقون هذه الجائزة عن جدارة مع الإشارة إلى أن سورية غنية بمبدعين حقيقيين وفي كل المجالات، وجميعهم يستحقون هذه الجائزة  التي نالها مؤخراً للعام 2016 د. ناديا خوست في مجال الآداب ومحمد قجة في مجال النقد والدراسات والترجمة وسلمى المصري في مجال الفنون تقديراً لعطائهم الإبداعي والفكري والفني.

جائزة الوطن
لا نأتي بجديد حين نذكر أن جميع الأسماء التي حظيت بشرف نيل هذه الجائزة في الأعوام الماضية، كانت تؤكد على أهمية هذه الجائزة ومكانتها الكبيرة في قلوبهم وخصوصيتها، باعتبارها جائزة الوطن لهم على الرغم من أن معظمهم نالوا العديد من الجوائز العربية والدولية، وهاهي الفنانة سلمى المصري والتي نالت العديد من الجوائز وكرمت أكثر من مرة خارج سورية تعتبر أن هذه الجائزة أسمى جائزة  حصلت عليها لأنها تمنح من وطنها سورية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن منحها لها أو لأي مبدع، هو مسؤولية كبيرة تدفع صاحبها لأن يستمر عطاءً وإبداعاً في الطريق الذي سلكه، والجميل برأيها أن تمنح لأسماء ما زالت مستمرة في عطائها وإبداعها، مبينة المصري أن حصولها على الجائزة كفنانة تعمل في الدراما السورية  هو تكريم راقٍ من قبل الدولة لها ولكل فنان سوري مستمر في عمله في سورية رغم الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها، وهي تكريم للدراما السورية التي استطاعت أن تكون لسان حال الشارع السوري بأفراحه وأحزانه.

اﻹبداع يحتاج إلى متابعة
أما محمد قجة الحائز على الجائزة في مجال الدراسات والنقد والترجمة فيؤكد في تصريحه لـ “البعث” أن الجائزة لها أهميتها الثقافية والحضارية ﻷنّها تجسد عناية وزارة الثقافة بالبعد اﻷكاديمي والمعرفي.
وتزداد أهمية الجائزة برأيه في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا الغالي ﻷن هذه الظروف رغم قسوتها لم تمنع من متابعة الجهد الثقافي في سورية. ولكل مبدع سوري يقول قجة: إن اﻹبداع يحتاج إلى متابعة تثري الموهبة، وهذا يحتاج إلى بيئة حاضنة فكرية تنمي الموهبة وتصقلها، راجياً من المبدعين أن يتسلحوا بالثقة والتفاؤل وبذل الجهد باقتدار.

جائزة وطنية
ولأن تكريم أي مبدع يسعدنا جميعاً فكيف بتكريم من نحب، من هنا تبيّن الكاتبة مريم خيربك أنها حينما تسمع بتكريم أي مبدع في وطننا تسعد كما كل شريف في هذا الوطن، وتشعر أننا ما زلنا بخير خاصة حينما يكون المكرّم جديراً بما ناله، ولهذا حينما سمعت بأن الجائزة التقديرية الأدبية لهذا العام كانت من نصيب د. ناديا خوست شعرت بالسعادة أولاً لأن د.خوست الّتي تعرف قيمة الجائزة الوطنية، وترفض تلك الجوائز الملغومة المنتشرة على مساحة الوطن العربي والعالم قد كرّمت من قِبَل وطنها، وثانياً أن د.خوست وهي ما تزال تنبض حبّاً وإبداعاً ووطنيةً هي أديبة على مستوى الوطن العربي احترمت ذاتها كأديبة ووطنها كوطن سكنها مثلما سكنته ولأن د.خوست بتاريخها الأدبي والسياسي الطويل خاضت فيهما كما يجب على كلّ أديب وكل وطني مناضل أن يخوضه، وكان ذلك عبرَ كتاباتها الرّوائية العديدة ومؤلّفاتها السياسية ومقالاتها في الصحافة العربية وغير العربية، وقد عايشتها خيربك على مدى سنوات الحرب يوماً بيوم، وأدركت مدى قيمة ما تكتب في كل المجالات ومدى ما تعانيه من أجل الوطن، مشيرة إلى أنها قدّمت أهم الإصدارات عن هذه الحرب بإبداع الأديب ووعي السياسي وتجذر المواطن في أرض وطنه، كما ألّفت الكتابة الوثيقة والمسرحيات والمقالات الّتي نشرت على المواقع الأوروبية، لتحدث ذلك المُسَيْطَر عليه إعلامياً عن حقيقة ما يجري على الأرض السورية في هذه الحرب العالمية البشعة التي شنّت على سورية، وقد أدركت ببصرها وبصيرتها الطريق الحقيقي إلى الوطن، فلم تخطئه ولم تخنه ولم تساوم عليه في زمن غدت فيه الأقلام الوطنية المبدعة النظيفة قليلة.
وتختم خيربك كلامها قائلة: “رائعة هذه الجائزة لأديبة وطنية تقدّم الكثير حتّى الآن” وتشكر من أوجدها في هذا الزمن الصعب.

علّامة حلب
وينوّه د.علي القيّم إلى أن كل الحاصلين على الجوائز يستحقونها عن جدارة فمحمد قجّة علّامة حلب وقلعتها الأدبية الشامخة وقد أثرى الحياة الثقافية والفكرية بكثير من الدراسات والأبحاث التاريخية والأدبية، وهو شاعر له مكانته وأسلوبه وله أيضاً إسهاماته الكثيرة في مجال حفظ التراث ورئاسته لجمعية العاديات السورية في حلب، مشيراً د. القيّم الذي كان له شرف العمل مع قجة في اللجنة التنظيمية العليا للاحتفال بحلب عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2006 إلى أن فوز قجّة بالجائزة هو فوز لكل باحث ودارس مهتم بشؤون التراث والتاريخ والأدب، موجهاً لهذا العملاق التحيّة لأنه يستحق كل التقدير والاحترام كما تستحق ذلك د.ناديا خوست الّتي نالت الجائزة وبكل جدارة وهي التي لها تاريخ طويل في الكتابة والبحث والنضال من أجل إعلاء الكلمة ورفع شأن المثقف والأديب السوري. ولا ينسى د.القيّم أن يوجه تحية للفنانة سلمى المصري التي نالت جائزتها في مجال الفنون وهي التي عبّرت عن سوريّتها ومحبتها لوطنها بكل فخر واعتزاز في كل المواقف التي تعرّضت لها، معبّراً عن إعجابه بنضالها كفنانة وإنسانة سورية خاضت مسيرة فنية طويلة وغنية في مجال السينما والتلفزيون.

تكريم الوطن لفنانيه
ويبين المخرج القدير غسان جبري أن  أجمل ما يحدث للفنان أن يكرمه وطنه في حياته، وتكريم الفنانة  سلمى المصري، رفيقه الدرب والعطاء والاجتهاد كان خبراً  مفرحاً، وقد تلقى جبري خبر تكريمها بسعادة فسرحت به الذاكرة إلى الأعمال المشتركة سويةً مثل: “طرائف أبو دلامه” من تأليف الأستاذ عبد الرحمن المصري الذي اُذيع في كل المحطات العربية تقريباً، و”إرث الدم” من تأليف الأستاذ أحمد يوسف داوود والعشرات من الأعمال معه ومع غيره من الزملاء المخرجين، مشيراً إلى موهبتها والتزامها بالمواعيد وملاحظات المخرج وتعاطفها مع زملائها، منوهاً جبري إلى اللقاءات الفنية بينه وبينها سواء أكان ذلك  باللهجة المحكية أو اللغة الفصحى، وقد كانت رفيقته في لندن بعمل يحمل اسم “وراء الجدران” وكان أول بطولة كاملة لها تقاسمتها مع الراحل عبد الرحمن آل رشي ثم بطوله مطلقه مع الفنان زيناتي قدسية، مؤكداً أنه يشعر شخصيا بالفخر والاعتزاز لتكريمها ذاكراً قصة صديق له مقيم في السويداء، أراد أن يكرم ابنته في عيد ميلادها بان يحقق حلمها، إلا وهو لقاء الفنانة سلمى المصري وتم هذا اللقاء على الهاتف بينهما وهذا دليل على محبة الناس لها، وبالتالي يرى جبري أن أعظم  تكريم يحصل عليه الفنان هو محبه الجمهور له.
أمينة عباس