ثقافة

شارة المسلسل.. مفتاح التأثير والشهرة والتسويق

لاينكر أحد الدور التأثيري للمفردة المغناة التي تفوق بتأثيرها اللحني والصوتي الكلمة المكتوبة والمقروءة لتأثيرات الأبعاد الموسيقية والصوتية، التي تتسرب إلى قلب المتلقي وتأخذه إلى مطارح أبعد من معناها، هكذا حال شارات الأعمال الدرامية التي تمثل الحامل الأساسي للعمل، تختزل بكلماتها خطوطه الدرامية وتناقضاته ومفارقاته، وترسم ملامح وجوه شخوصه والحالات الإنسانية التي يعيشونها، وتبوح بالمشاعر المختلطة والأحلام المسروقة. كل هذه التأثيرات كانت أقوى من العمل ذاته الذي يُنسى مع مرور الأيام وتبقى شارته التي هي أغنيته باقية في أذهان الناس، ويتم توظيفها في مجالات فنية وحياتية مختلفة.

وقد ارتبطت كلمات الشارة بالملحن الموسيقي والموزع والمغني، لتتكامل وتحرّض المتلقي على تخيّل تداعيات مستمدة من أفكاره وتوقعاته، ترسم في مخيلته صورة بصرية للعمل قبل رؤيته .
ومما نراه على شاشاتنا في دراما هذا العام تميّز شارات بعض الأعمال التي استوحت منها ومضات الموسيقا التصويرية الداخلية للمشَاهد، وفي درامانا الحالية عمد المخرجون والمنتجون إلى التركيز على الشارة من حيث الكلمة واللحن والصوت والتوزيع السيمفوني وتقنية تعدد الأصوات، والاعتماد على الخبرات الأكاديمية الموسيقية والغنائية، مما جعل تأثيرها على المتلقي كبيراً في شدّ انتباهه للعمل، والتأثير الأكبر في زيادة متابعته وانتشاره وتسويقه على المحطات الفضائية.
ولعل الشارة الختامية لمسلسل عطر الشام، إخراج محمد زهير رجب، التي كتب كلماتها الشاعر الغنائي عبد الرحمن الحلبي ولحنها ووزعها الموسيقي المبدع في الأعمال الشامية سعد الحسيني، وغناها بإحساس إنساني يتجاوز حدود الوصف عاصم سكر. فباحت بالمحور الأساسي للعمل وهو نضال شعبنا ضد الفرنسيين والتضحيات الجسّام التي قدمها حتى تصبح سورية حرة ويعيش أبناؤها بكرامة.
“شآم طيف أحلامي/وإشراقي وأيامي/هي اللحن الذي أهوى/تجلت فيه أنغامي”
ليتجلى جمال صوته وقوته ومساحة الامتداد في المقطع المكرر.
“وإن الله يعلم ما/مدى حبّي إلى الشام”.
نلتقي على حبّ شارة المسلسل الاجتماعي “أحمر” إخراج جود سعيد وكتب كلمات شارته الشاعر نزيه أبو عفش، وتأليف الموسيقي طاهر مامللي وتوزيع أنس نقش وغناء عاصم سكر وليندا بيطار وهمسة منيف وعبير البطل ومارك معراوي، والتي ترجمت مضمون العمل القائم على محاربة نوازع الشر، فدعت كلماتها إلى إيقاف الصراع الحياتي والمحاربة بأوراق الورد بدلاً من السلاح.
“أبداً لا أرغب في الموت/ولا يسعدني أن أراك ميتاً/الآن نحن خائفان وعاجزان عن الصفح/لا أحد راغب في الموت”.
لتصل الشارة إلى مبتغاها الذي يحمل رسالة العمل والدعوة إلى المحبة التي تفوق كل المشاعر وتتغاضى عن أشياء كثيرة. “تعال نحتكم إلى ما ليس كراهية ولا موت  تعال نتحارب بأوراق الورد”.
المبدعة ميادة بسيليس كانت بطلة شارة مسلسل “أيام لا تنسى” للمخرج أيمن زيدان الذي كتب أيضاً كلمات شارته ولحنها الموسيقي سمير كويفاتي، ليتماوج صوت بسيليس الساحر مع لحن إنساني وجداني يبوح بعذابات فتاة غير شرعية كانت ضحية أنانية الرجل ومجتمع لا يرحم، تتقاطع مع انكسار كثيرات لم يستطعن تغيير واقعهن.
“احملني على جناح كلمة/وطيرني لأبعد سما/تتصير خيوط قصتنا/غيمة تجمعنا سوا/نسكت ونحكي/نفرح ونبكي/ونصير حبة مطر”، لتصل إلى المفردة التي تدعو فيها إلى الخلاص من الوحدة والأنين، من الحنين والبعد، “احملني”
بعض شارات دراما 2016 كانت صورة عن سمات الشعر الغنائي الذي أطلق عليه الشعر الوجداني، وسيبقى الأقرب والأجمل للمتلقي والعنصر الأهم للدراما.

ملده شويكاني