ثقافة

الرقابة الشعبية وهذه الجولة!

أكرم شريم

للرقابة الشعبية في الإعلام جمهورها الواسع، والشامل في معظم الأحيان، خاصة وأنها حسب لغة الطب، دواء وعلاج وشفاء وحسب لغة البناء والبنائين، بناء نفسي ووجداني وعقلي، وتربوي أيضاً ليكون الإعلام للجميع دائماً، ومع الجميع دائماً، ويفخر بل ويشعر بالسعادة أنه يعمل وبكل إخلاص، للجميع، ودائماً وباستمرار!.
وهكذا نبدأ:
أولاً: صار من الملاحظ في صحافتنا العربية عموماً، وفي صحافتنا المحلية خصوصاً، هذه الصحافة التي نحب ونحترم، تكاثر الإعلانات وخاصة الإعلانات الصغيرة منها والتي تتوزع في معظم الصفحات، فتأخذ أحياناً النصف الأسفل من الصفحة أو أكثر، ونقول مخلصين إن القارئ في هذه الحالة لا يقرأ الإعلان فكيف سيبحث عنه ويعرفه، وهو بهذا الحجم الصغير، وبين عشرات الإعلانات الصغيرة مثله، فهل هو يعرفه وينتظره، إذن لماذا هذه الإعلانات الصغيرة التي تضايق القارئ ولا يراها وإن توفير المال في هذه الحالة يصير ضرورة أيضاً!. ولهذا فإن اختصار الوقت والوهم، والاعتماد على ما يظهر للقارئ ويلفت نظره من الإعلانات وخاصة المتوسطة الحجم والكبيرة، وإلا فإن هذه الجريدة كلها يصبح اسمها: جريدة إعلانات!.
ثانياً: هذه محاولات نجحت في الإساءة للآداب والفنون ومن المؤسف أنها انتشرت حتى صارت تشكل وفي كثير من الأحيان بدائل للأصيل والواقعي والصادق من كل أعمالنا، وإبداعات الإنسان والإنسانية في كل مجالات الآداب والفنون، حتى صار اسمها الصحيح: مؤامرات!.
فهذه المؤامرة على الشعر: كان الشعر ديوان العرب، وعند كل شعوب العالم صحافتهم وفنونهم الجميلة والرائعة، وكل ذلك حتى ظهر الشعر الحديث: وهو كلام منمق مزخرف ولكن، إذا كان للشطرة الواحدة معنى، فإن القصيدة كلها بلا معنى.
وظهرت كذلك مؤامرة السينما والتي صارت كل أفلامها تعرض جرائم وسرقات واعتداءات جنسية، وعري، ومنعت بل وأعدمت كل أعمال السينما الإنسانية والثقافية، وصانعة القيم العليا، والمفيدة والصالحة لكل المشاهدين ومنها سينما الأطفال أيضاً وكذلك كانت المؤامرة الثالثة صناعة البنطال للمرأة  ولا أقول ذلك من زاوية دينية أو أخلاقية، فالمرأة مثل الرجل هي حرة فيما تريد وتفعل وهي تتحمل كل مسؤولياتها الدينية والأخلاقية. ولكن هذا البنطال صار يضايق المرأة وخاصة الحامل، وصار لا يظهر فيها إلا ما تكره!.ثم مؤامرة الرسم التشكيلي وهي مؤامرة الخروج عن الواقع والواقعية في الرسم، ومحاربة واضحة لكل صدق وواقعية في هذا الفن، وهو مجرد وجود ألوان مختلطة على اللوحة وبدون واقعية ولا أي معنى!.
ومحاربة النقد ولا نريد أن نقول هنا كما يقولون غياب النقد، وكأن النقد في هذه الحياة، وفي أي مجال من مجالات هذه الحياة يغيب وحده!.
ثالثاً: يتحدثون لك دائماً وفي معظم محطات الإذاعة والتلفزيون في كل يوم تقريباً، عن العنف الأسري، حتى نحن في الصحافة تحدثنا، وقد نكون تحدثنا كثيراً عن هذا الموضوع، هذا صحيح.. ولكن لماذا لا نتحدث بصراحة هذه المرة عن هذا الموضوع ويكون ذلك، ومثل كل صراحة، مفيداً للجميع ولمصلحة الجميع.. فما هو مصدر هذا العنف: التربية في الصغر، أي في صغرنا، أي أنه يشمل الجميع وليس الرجل وحده ويشمل المرأة أيضاً، والأخ والأخت والطفل الصغير!. فالعنف الأسري صار، أو لنقل من باب التفاؤل، كان عادة، والعادة تحكم وتستمر في الحكم وإلى ماشاء الله، حتى تظهر التوعية وحتى تتحول هذه التوعية بدورها إلى عادة جديدة!.
فأين هي هذه التوعية الجديدة، والتي مكانها وسائل الإعلام بكل ما تملك وتستطيع أن تملك، من مقومات وشروح وأعمال، مقنعة ومفيدة وشروحات مباشرة أحياناً لكي تنهي هذا العنف الأسري، والمجتمعي والحكومي أحياناً، والذي لا يزال موجوداً وفي معظم الدول إن لم يكن في كلها؟!. وهكذا تكون النصيحة اليوم ضرورة العودة إلى الرقابة الشعبية وإعادتها لنا، ولدى كل شعوب العالم وبشكلها الصحيح السليم والمفيد، والبعيد كل البعد عن الاستغلال والتوجيه وكما يفعل عادة، وفي كل الأعمال الإيجابية في هذه الحياة، أعداؤنا وأعداء الشعوب.!.