ثقافة

مطب التشابه

أمينة عباس

ربما يكون العمل على بناء الشخصية الدرامية بناءً سليماً خالياً من النواقص والثغرات، من أهم الأسس والمبادئ التي يتلقاها طلبة المعاهد المسرحية التي تعدّ الممثل فكرياً وجسدياً، حتى يكون قادراً في المستقبل على التعامل مع مختلف أنواع الشخصيات الدرامية في المسرح والسينما والتلفزيون.
والمتابع للدراما التلفزيونية السورية في هذا الموسم والمواسم الأخيرة، يلاحظ أن العديد من الفنانين تمكنوا من تلوين الشخصيات التي قد يظهرون بها في الموسم الواحد والتي غالباً ما تكون متشابهة في خطوطها العامة، لكنها مختلفة في تفاصيلها، وأقرب مثال يلوح لنا في الأفق ما قدمه الفنان أيمن رضا في هذا الموسم تحديداً، من قدرة على العمل على تفاصيل الشخصيات التي قدمها بشكل يدفع إلى القول أنه نجح في تخطّي امتحان صعب لطالما عجز كثيرون عن تخطيه، وهو القدرة على تقديم عدة شخصيات، لكل واحدة منها لونها وطبيعتها ودقائق حركاتها وسكناتها.
وبنفس الوقت الذي نجح فنانون فيه في تخطّي مطب التشابه في تقديم الشخصيات المختلفة، نجد فنانين آخرين في هذا الموسم تحديداً أدمنوا تقديم شخصياتهم بلون واحد على صعيد الشكل، إلى درجة أن المتابع الحصيف للأعمال المقدمة هذه الأيام على الشاشات المحلية والعربية بات بإمكانه أن يسمي الفنانين الذين يقدمون شخصياتهم المختلفة بنفس الطريقة والأسلوب بأسمائهم، حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم العمل على الشكل الخارجي بحيث باتوا يشبهون أنفسهم لا على صعيد الأداء وتفاصيله فحسب، بل وعلى صعيد الشكل الخارجي أيضاً. وهنا يبرز سؤال هام وجوهري: من هو المسؤول عن حالة الخلل هذه التي استشرت عند فنانينا، وبالتحديد عند من أصبح له رصيد معقول من الأعمال التلفزيونية على صعيد الكمّ، وحقق شهرة لا بأس بها على صعيد الانتشار الجماهيريّ؟ هل هو الممثل الذي أصبح كسولاً وقاصراً على العمل بجدّ على الشخصية التي تُسنَد إليه؟ أم المخرج الذي لا يهمه من العملية الفنية سوى الشكل العام والمشهدية التي تعلي من شأنه، حتى ولو كان ذلك على حساب عناصر العمل الأخرى، والتي يأتي أداء الممثل في مقدمتها؟ أم الشرط الإنتاجي الذي لا يأبه سوى بإنجاز العمل بأقصى سرعة ممكنة دون أن يأبه لجودة الإنجاز أو نوعيته؟