ثقافة

الكلمة.. وجه العقل

لا تصدأ الكلمات الساحرة, والحروف المبدعة, حتى ولو تعامل بها أصحاب النّوايا الخبيثة, والشّفاه المنافقة, مثلها مثل الكتب العظيمة في الحياة, فليس كل من قرأ كتاباً عظيماً, صار عظيماً, ولا كل من اشترى الكلمات الكبيرة صار كبيراً.
وهل يتعفّن الذّهب أو ينقلب إلى تنك وخردة إذا زيّن الصدور العفنة, والرؤوس الفارغة؟!
بعض الكلمات تشبه الوهج والنار, تحرق آذان الجاهلين, وتُنير قلوب العارفين, والكلمة المبدعة أشبه بالوقود والكهرباء, إنها تزوّدنا بالطاقة والضوء.. إنها نور للنّفس, وبصيرة للقلب.. (وبقدر ما يكون المرء مستعدّاً لتلقي الضوء يرى النور آتياً إليه). فهل يمكننا رؤية وجوهنا من دون مرايا؟!
هكذا تبدو لنا الكلمات, إنها كالمرايا, تُظهر وتُوضّح وتُفصح عن صورة العقل.. وسمات الرّوح.
يُقال: الكلمة الطيبة تساوي الكثير, على الرغم من أنّها لا تكلّف إلّا القليل!.
وإذا كان الإنسان شجرة, كانت كلماته أزهارها, وأعماله ثمارها.. والكلمات إذا لم تحمل أفكاراً ثقيلة, بقيت على الأرض, إنها كأجنحة الطيور, وكلما كانت الأجنحة قويّة وكبيرة ارتفعت أكثر, وحلّقت أعلى وأعلى..
وإذا كانت الكلمات طنّانة, ولا تحمل أفكاراً ورؤى ومعان عميقة، ستبقى قليلة الحضور, ومقصّرة كثيراً في الارتفاع, وإذا حدث وارتفعت ستبقى كالدخان الذي يرتفع لأنه خفيف, وما يلبث أن يتلاشى ويضيع.
إن الكلام ذو المعنى الشّريف, واللفظ البليغ قد يصنع في القلوب الكبيرة ما يصنعه الغيث في الترّبة الكريمة. وعجبي لأناس يتعبون في اختيار لباسهم وطعامهم, ولا يُعيرون أدنى اهتمام لاختيار كلامهم!.
إن بعض الكلمات كالسّموم, تقتل إذا استُعمِلت, وبعضها كالأدوية فائدتها في استعمالها وقت الشّدة, وبعضها كالهواء من الضروري والمفيد استعمالها دائماً.
(فإذا كان في فمك كلمة حلوه فقلها على الفور, لكي لا تفقد حلاوتها, وإذا كان في فمك كلمة مُرّة, فأجّلها إلى الغد لكي تفقد مرارتها).

سهيل الشعار
Souheil-alchaar@hotmail.com