ثقافة

تساؤل فقط!

بشرى الحكيم
في موسم رمضاني سابق استطاع الفنان تيم حسن انتزاع دهشة وإعجاب يليقان بأدائه دور الملك فاروق؛ فهو إلى جانب الأداء الرائع المقنع والعفوي والتماهي مع الشخصية؛ أجاد وأتقن لهجة غير لهجته بشكل لافت.
لكن هل يمكن للأمر أن يستوي عند الجميع وبكل اللهجات؟ يذكر أنه وفي المنحى ذاته كان العديد من الفنانين قد حقق نجاحات عديدة، فيما فشل آخرون أو قوبل أداءهم بالنقد والرفض المحقين غالباً، فإتقان لهجة أو لغة مختلفة ليس بالأمر السهل الذي يمكن تحقيقه ين ليلة وضحاها، أو من خلال تكرار بعض العبارات المتداولة، وإلا فلابد للأداء أن يأتي أقرب إلى الكرتوني، الخالي من الإحساس الحقيقي، غالباً ما يعوّل فيه الفنان على جمهور من المحبين والمعجبين يتواطأ معه ويغفر بعضاً من عثراته.
في حوار لفنان مسرحي كبير يشارك في الدراما التلفزيونية من حين لآخر يعترف أنه لا يحب أن يشاهد أعماله التي يشارك فيها على شاشة التلفزيون؛ فالأمر يشعره بالتوتر، ولا يحب تكرار الاستماع لما يقوله.
وربما كان فناننا على حق وهو المسرحي الكبير والفيلسوف المتمرد رفيق علي أحمد الذي يحظى بجماهيرية وتأثير شعبي كبير؛ سبق له أن أدهشنا بأعماله على خشبة المسرح، دخل عالم التلفزيون من خلال أصدقائه الفنانين الذين يدعونه أحياناً للمشاركة في أعمالهم، فهو لا بد يشكل إضافة فنية يقدمها لهم، أو أنه يقبل بها نظراً للأوضاع الأمنية التي تعاني منها العديد من الدول العربية والتي تحول بشكل كبير دون أن يحقق أي عمل مسرحي ما يصبو إليه أصحابه سواء من الناحية المادية أو الانتشار وإمكانية العرض، مهما بلغت الأهمية التي يتمتع بها العمل.
والأمر لا بأس به ذلك أن المشاركة في أعمال كانت غالباً تنطق بالعربية الفصحى التي لا تميز بين منطقة وأخرى أو لكنة وسواها، خصوصاً التاريخية منها، أو تلك التي لا تتطلب التحدث بلهجة يصعب إتقانها والنطق بها؛ لا بد ستشكل إضافة للعمل ولمن يشارك فيه.
لكن السؤال المهم هو  ما الذي يدفع فناناً بوزن الفنان “رفيق علي أحمد” سحرنا دوماً بأداء رائع في أعمال تاريخية شكلت بداية إطلالاته التلفزيونية كالزير سالم والظاهر بيبرس بدور فارس الدين أقطاي أو سيف الدولة في “أبو الطيب المتنبي” وفيما بعد في القعقاع، كي يقدم أدواراً لا تحقق له ذات الحضور اللائق الذي يستحقه دوماً “في الموسم الرمضاني السابق والحالي” والسؤال الأهم: هل من الضرورة بمكان أن يأتي العمل الدرامي بلهجة صرفة واحدة؛ ونحن بلد التنوع والتعدد واللهجات التي تختلف بين مدينة وأخرى والتي يراها الجميع ميزة هذا المزيج المدهش الذي هو “نحن على هذه البقعة الجغرافية المتميزة” وأعتقد جازمة أن هذا الشريط الممتد من اللواء مروراً بالساحل اللبناني حتى الفلسطيني، لا بد يجعل هذا الاختلاف باللهجة إن هو إلا نوعاً من التميز؛ يفخر به أبناء هذه الأرض الجغرافية الواحدة، إذ ليس من صالح الفنان أو العمل على السواء افتعال لهجة لا يتقنها؛ أمام مشاهد بات من الوعي ما يدفعه يتوق لمشاهدة الفنان الذي يركّز على عفوية الأداء والإحساس، بدل أن ينشغل بالتركيز على إجادته اللهجة الأخرى، ما يجعل الأداء مقيداً وخشبياً بشكل ملحوظ، الذي وبالتأكيد سيعود بنتيجة سلبية على العمل، الممثل والمشاهد على السواء