ثقافة

جمعيات في اتحاد الفنانين التشكيليين ؟!

أكسم طلاع

تتميز الفنون التشكيلية في سورية بالعراقة ووحدة الهوية ووضوح تجلياتها وانفتاحها على التجارب الجديدة، مثلما تميزها التزاماتها الفكرية والعقائدية، وقد تطورت عبر سنوات طويلة وحافلة بأهم الأسماء الفنية التي نهضت بالفن التشكيلي، وأسست لاتجاه الحداثة فيه، كما تأثرت بمذاهب الفنون عبر أساتذة وفنانين وجامعيين من دول صديقة، وساهمت في إغناء المنتج التشكيلي العربي ورفعت من حصيلته، وعززت رصيد العرب الدولي في مضمار الفنون التشكيلية، وقد رافق النقد والدراسات التشكيلية والأبحاث النظرية الفنية والدراسات الأكاديمية المتخصصة هذا المنتج الكبير من الفنون الجميلة، ويعتبر النقد التشكيلي والكتابات التشكيلية نصوصاً إبداعية موازية للنصوص البصرية، وشريكة لها في النتيجة وفي الأثر والدور الاجتماعي الذي يمكن أن تلعبه الفنون.
وقد نشطت الجمعيات والاتحادات الفنية لتجعل من النقد هذا الشريك المصوّب والمراجع والمتابع للعملية الإبداعية، والمسبار الذي يتحسس أبعد من الظاهرة الفنية، كما يتحسس أثر التغيرات العميقة في الفكر والحياة، والمظهر الجمالي الذي يتجلى فيه الباطن والخفي في لغة بصرية أو موسيقية، ففي مصر والعراق والمغرب العربي تأسست الجمعيات النقدية التشكيلية من نقاد وفنانين وصحفيين لهم إسهاماتهم في متابعة الأنشطة التشكيلية، والتي توثق وتؤرخ وتعرف الجمهور على مساحة الفن التشكيلي، وربما تكون هذه الجمعيات جزءاً من اتحاد عام أو نقابة الفنون الجميلة مثلما الأمر في اتحادات الكتاب، هناك جمعيات متخصصة بالنقد والبحوث والدراسات وجمعيات للقصة والرواية والشعر..
ويتدارس المكتب التنفيذي الآن في اتحاد الفنانين التشكيليين ويبحث عن خطوات لابد منها، من أجل إطلاق هذه الجمعيات التي تتوزع على مختلف اتجاهات الفنون مثل جمعية للنحت والحفر والديكور والتصوير الزيتي وجمعية للبحوث والدراسات النقدية، ما يتطلب من عديد الفنانين التشكيليين وأصدقائهم من صحفيين وكتاب في الفن التشكيلي والتأليف الفني، المبادرة لإنجاز هذه المهمة من خلال اتحادهم العتيد فهل ينجحون؟ ويتخطى اتحادهم عتبة ما يحبط من قلة التمويل التي تعد العقبة الكبيرة أمام أي فكرة خلاّقة، فالأمر لا يحتاج لمصاريف مالية بقدر ما يحتاج إلى الغيرية وروح المبادرة الوافرة، التي تتخطى ذهنية البيروقراطية المشبعة بالتخلف الإداري.