ثقافة

“مذنبون أبرياء”.. نسخة عربية من وادي الذئاب

اعتقدنا للوهلة الأولى أن الدراما السورية حاولت الخروج من الأعمال الكوميدية والاجتماعية لتقدم لجمهورها عملاً بوليسياً, نقطة ايجابية تحسب للدراما السورية خاصة أن الأعمال البوليسية قليلة نسبياً, الأمر الذي يضفي تنوعاً على هذه الصناعة, لكن للأسف بعد متابعة “مذنبون أبرياء” موسم 2016 إنتاج شركة ديالا, لم نجد العمل إلا هروب من البيئة الدرامية الشامية إلى البيئة الدرامية التركية.
هكذا حوّل كل من عبد المجيد العنزي وباسل خليل بتوقيع أحمد وائل سويداني العاصمة السورية إلى مدينة مباحة للخيال والجريمة وأشكال عصابات المافيا, هي نسخة مشوهة عن مسلسل “وادي الذئاب” الأحداث, اللقطات, الموسيقى التصويرية  تعود لتذكرنا بأن العمل مقتبس بشكل سيء, الحوارات أيضا, واستخدام الأماكن المهجورة, تخفي بعض رجال الدولة بأزياء وأعمال ناس بسطاء, وتجنيد الأنثى المدربة لحرب العصابات “كندا حنا” التي لم يعرف المشاهد أي شيء عن ماضيها وحاضرها وعائلتها, وكأنها فعلاً خرجت من مسلسل غربي.
طرح العمل قضية المخدرات والجاسوسية وتبييض الأموال والسلاح, وصراع افتراضي بين رؤوس الأموال وقوى خارجية خفية ورجال الدولة الذين وجدنا من يتحكم بهم في الخفاء, ما أطلق عليهم صناع العمل  “هيئة الكبارية” وكانت فعلا لتحقق هذه الإضافة الإثارة والتشويق للجمهور الذي شاهد  ظهور الفنان بسام كوسا بشكل سريع, لكن مع وصول العمل للحلقات الأخيرة أدرك المتابع  أن ما يشاهده مجرد تقليد للدولة العميقة التي تتحكم بالدولة بشكل غير مباشر في المسلسل التركي, وكان بالإمكان إيجاد حلول لهروب هيئة الكبارية دون دخولهم من باب الخزانة التي قابلها في العمل التركي باب البراد في الاجتماعات السرية.
الكثير من الأخطاء الفنية والتقنية والمصادفات التي ربما تقنع المشاهد سينمائياً من دون البحث عن مبررات، لكن كعمل تلفزيوني لا يمكن مشاهدتها إلا نقاط ضعف, حتى حركة الكاميرا والكلوزات لم تكن مقنعة كأن تشاهد وجه جميل لفنانة سورية تقوم بإطلاق النار والمداهمة، ثم تركز على جسدها غير النحيل يحوّل مشهد الأكشن البوليسي إلى كوميدي سمج.
برر صناع العمل أن الأخطاء نتيجة ضيق الوقت وهو مبرر الأعمال الدرامية الأخرى التي سوّق لها صناعها وهبطت, لماذا نجد وقتاً للتسويق ولا نجد وقتاً للمونتاج, لماذا نحاول دخول الماراتون الرمضاني ونحن لا نتقن ألف باء الصناعة الدرامية؟
كان بإمكان صناع العمل الابتعاد قليلا عن تأثير العمل المذكور والاكتفاء بعصابات المجتمع السوري وحكاياته, مع إضافات بسيطة لتكتمل عناصر الإثارة والتشويق, دون إرغام رجال الأعمال على مغادرة الوطن بحجة أنهم مستهدفون, وكأن الغرب يحقق لهم عنصر الأمن والأمان أكثر من وطنهم, والاستعانة بنموذج سوري لرجال العصابات الملثمين بدل النموذج الغربي, أو بدخول رجال الدولة وإشراكهم في مكافحة المخدرات من مؤسسات لا من الشارع, وإظهارهم بشكل منضبط لا رجال متعطشة للقتل, ليس من الضروري أن يكون زعيم العصابة “آغا” وله لحية.
صناع العمل يبشرونا بأجزاء جديدة، وهذا يعني موت الكثير من المشاركين في العمل من ممثلين وكومبارس فهل ستجد الشركة المنتجة الكادر الكافي من الممثلين السوريين وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لإكمال وادي الذئاب السوري, أو أنهم سيتبعون سياسة التقشف في القتل والإجرام والأكشن. المخدرات كانت محور القضية  للجزء الأول من العمل, هل نجد صالات القمار وتجارة الأعضاء في الأجزاء المقبلة؟ ربما نشاهد تطور مشابه للتطور الذي شاهدناه في العمل التركي كأن نشاهد العصابات التي يموّلها الخارج, ويرافقنا الرجل السوبرمان “النسخة العربية عن مراد علم دار” لنصل إلى الأحداث والأزمة السورية ومن بعدها الحرب, ثم انتصار الحق.
لؤي ماجد سلمان