“رجل الملوك- الخدمة السرية”.. معالم سينما افتراضية تمرر رسائل عن الإرهاب
أثار فيلم”رجل الملوك-الخدمة السرية” الذي عُرض في الأوبرا ضمن أفلام المهرجان إعجاب الجمهور لتمكن المخرج ماثيو فون من لعبة الإخراج المتداخلة مع الأكشن والإثارة، وتعددية المشاهد القصيرة المتزامنة مع سرعة التقاط الصورة في مواضع.
الفيلم المأخوذ عن كتاب الاستخبارات السرية للكاتبين مارك ميلروديف جيبونز، يخضع لتأويلات تتبع رؤية المتلقي وفهمه للفيلم فهو أشبه بالنصّ المفتوح، لاسيما أنه بدأ برسالة مررها المخرج في المشهد الأول الذي يجسد بواقعية إحدى عمليات تدريب خلية إرهابية صغيرة في قلعة كبيرة وسط الصحراء ليكتب على الشاشة: “الشرق الأوسط-1997” بعد ذلك تتردد في السياق الدرامي مفردات لها وقع في المشهد السياسي الدولي مثل الإبادة الجماعية، وحرب العراق،واختطاف أميرة اسكندنافيا، واحتجاز رئيس الوزراء السويدي في الطائرة، إلى اختطاف أستاذ جامعي اشتُهر بأبحاثه حشول المناخ، ليدخل الفيلم في مسار السينما الافتراضية بمعالمها وإخراجها الفني الذي اتسم بالغرابة وباستخدام أساليب جديدة للعنف الجسدي، ليصوّر الصراع بين قوتين أحداهما مؤسسة كينغزمان الاستخباراتية العالمية البعيدة عن السياسة، والتي تسعى إلى إنقاذ العالم من شيء يدمر البشرية بقيادة مؤسس القوة المقابلة ويدعى “فالنتاين”،الذي يعمل على قانون الاصطفاء في اختيار نماذج معينة لاستمرار البشرية.
الملفت الإيماءة الواضحة التي تضمنها السياق الدرامي من خلال جملة خاطب بها فالنتاين مجموعته البشرية بقوله “أنتم شعب الله المختار” بدلالة واضحة إلى التداخل بين الصهيونية والإرهاب الذي يهدد مصير العالم، والذي بقي مستوراً ضمن المشاهد التي اتخذت طابع الرمزية ليقرأ المتلقي منها رسالة المخرج.
المظلة الحامية
الغريب في الفيلم هو إدخال المخرج لعبة الأسلحة الصغيرة المختفية بأدوات بسيطة، والتي كان لها دور واضح في لعبة المواجهة، لاسيما المظلة الحامية من رصاص الرشاشات والسكاكين الحادة التي تخرج إزاء حركة معينة من الحذاء الذي كان الشيفرة السرية بين أعضاء كينغزمان “حذاء أكسفورد دون زخرفة” إلى جانب القطع الحديدية الحادة التي تستخدمها مساعدة فالنتاين الشرير عوضاً عن قدميها المفقودتين، إلى دسّ السمّ في القلم الصغير لاستخدامه في الدفاع عن الذات في لحظات المواجهة، هذه الأسلحة البسيطة تشير بفنية غير مباشرة إلى الأدوات التي يستخدمها الإرهابيون، لنرى في مواضع أخرى من الفيلم التقدم العلمي لنظام الشبكات في محاولة التواصل وفي اللحظات الحاسمة تدمير العالم، إلى جانب الحرب النفسية الموجهة إلى العالم من خلال بثّ رسائل عبْر الهاتف الجوال إلى جموع تعيش في أماكن متفرقة في العالم.
قتل في الكنيسة
الأمر الذي توقف عنده المخرج وكانت له دلالة واضحة على الإرهاب هو مشهد القتل في الكنيسة الذي أدى إلى موت جماعي للأبرياء، لينقل المخرج بصورة درامية مصغرة جزءاً مما حدث إثر تنفيذ العمليات الإرهابية، ليتقابل هذا المشهد مع حوادث تفجيرات افتراضية في أماكن عامة تنفذ من خلال ضغط على أزرار الكمبيوتر المرتبط ببرامج وشيفرات، لكن المخرج صوّر هذه الأحداث بطريقة مختلفة تعرض موت الأشخاص بتحويلهم إلى أشكال وألوان تشبه الألعاب النارية المستخدمة بالاحتفالات العامة.
التعاون الجماعي في الإنقاذ
المحور الأساسي في الفيلم هو كيفية اختيار أعضاء فريق كينغزمان وإتباعهم دورة تدريبية لاكتشاف مهاراتهم وقدراتهم الجسدية ولياقتهم وحركتهم، وسرعة تكيفهم باتخاذ القرار المناسب بتقدم مجموعة شباب منهم إيغزي جسد شخصيته الممثل الشاب تارون إيجرتون، الذي أصبح في القسم الثاني من الفيلم البطل الأوحد الذي ينفذ العملية ويقتل في أوضاع صعبة فالنتاين، وينهي الشر الذي كان يهدد العالم. إيغزي الشاب الذي فقد والده في العملية التدريبية الإرهابية التي كانت في المشهد الأول، والذي يعاني من العنف من قبل زوج أمه التي تتعرض أيضاً إلى الضرب المبرح في إشارة إلى العنف الاجتماعي المتفشي في أمريكا.
وتبدو جمالية الفيلم وإثارته في الأساليب التدريبية مثل مشهد التصوير تحت الماء إثر تفجر الأنابيب، وغرق جناح نوم أعضاء المتدربين بالمياه والعمل على إنقاذ أنفسهم، ليتمكن إيغزي من كسر الزجاج وإنقاذ الفريق مع خسارة أحدهم نتيجة العمل بجهود فردية، ليمرر المخرج رسالة أخرى يركز عليها وتوحي بأهمية العمل الجماعي لاسيما في لحظات تفصلهم عن الموت، كما خضع المتدربون لامتحان شخصي كما رأينا في المشهد الذي يقيد فيه المتدرب بالحبال على سكة القطار، ويخيّر من قبل أحد أعضاء المجموعة عن الإفصاح عن اسم مؤسس كينغزمان أو الموت تحت عجلات القطار لينجح إيغزي ويسقط في الامتحان البقية، لكن المخرج يفاجئنا في نهاية المشهد بسقوط المتدرب مستوى درجة تحت السكة ومن ثم ارتفاع السكة بعد مرور القطار. إضافة إلى سقوط المتدربين دون مظلات من ارتفاع شاهق من الطائرة ليتمكنوا من خلال التعاون الجماعي من إنقاذ أنفسهم، واستبعد ثلاثة أعضاء لأنهم تأخروا بالتنفيذ ونجح إيغزي. كما أوضح المخرج البعد الإنساني حينما طُلب من المتدربين تنفيذ الأمر بقتل الكلب الخاص بكل واحد منهم فلم يستطع إيغزي ونجحت روسي، لكن مدرب إيغزي يحلّ المسألة.
الباب الحديدي
أراد المخرج أن يفاجئ المشاهدين في نهاية الفيلم بمشهد رومانسي بعد عمليات العنف المثيرة والمخيفة حينما أنقذ إيغزي أميرة اسكندنافيا بالعثور على الغرفة ذات الباب الحديدي المحتجزة بها، لينتهي الفيلم بالاحتفال بالانتصار بغرفتها.
ملده شويكاني