ثقافة

“جسر الجواسيس” إخراج سبيلبرغ.. أبطاله السيناريو والحوار.. وهانكس

في العام 1957 والأجواء أجواء الحرب الباردة بين الدولتين الكبريين حينها، حيث كل منهما تضع في الحسبان قدرة خصمها النووية والعسكرية، تم اللجوء إلى حرب أخرى هي حرب الجواسيس، وسيلة لمقارعة الأخرى، وحيث كانت مدينة بروكلين ساحة نشاط “رودلف آيبل” يجسد دوره الممثل “مارك رايلان” الجاسوس القادم من الاتحاد السوفييتي تحت غطاء رسام يعتاش من رسومه المتواضعة الإمكانات، إلى أن يكتشف أمره ويتم القبض عليه.

قصة الفيلم
فيلم جسر الجواسيس الذي استندت قصته على حكاية المحامي المتخصص بقضايا التأمين “جيمس دونوفان” الحقيقية، والذي يحظى بمكانة واحترام كبيرين لدى مواطنيه” وهي نقطة أتت في صالح الفيلم وزادت من الإقبال عليه، فهو رغم أنه أتى بتوقيع من المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، إلا أنه لم يكن بذات الألق والبريق المتوقع.
سيتم تكليف دونوفان الذي أدى دوره الممثل الرائع توم هانكس من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية بالدفاع عن الجاسوس “أيبل” الوكالة التي رغبت أن يتم الأمر بحيث يرى العالم كيف يحظى الرجل بمحاكمة عادلة “العدالة الأميركية تحت أنظار العالم”.
وبرغم أن الجميع يرى في الرجل “آيبل” جاسوساً انتهك حرمة أمريكا إلا أنه كان لدونوفان بشخصيته المختلفة أن يرى شيئاً آخر “لقد أصر على رؤية الجانب الإنساني من الجاسوس” اعتاد زيارته في السجن؛ وتلبية طلباته الخاصة، كما يستحق أي إنسان آخر، ثم يتنصل من القيام بالمهمة التي تم تكليفه بها استناداً إلى الإجراءات القانونية الحرفية المعتمدة بشكل روتيني، فيخوض معركته والمحاكمة بكل نزاهة يتحلى بها محام مؤمن ببراءة موكّله، عاملاً على تبرئته، آخذاً على المحكمة أنها استندت إلى أدلة إثبات تدين الرجل بها غير قانونية، حصلت عليها إثر اقتحام الشقة دون أوامر أو إذن بالتفتيش من قبل السلطات.
سيتعرض دونوفان بالطبع للمضايقات والعديد من محاولات الاعتداء على منزله وأسرته من مواطنين عاديين أو من قبل عناصر “السي آي إي” سيواجه أحدهم يصرخ بوجهه: “كيف لاتفهم أن الأمر من الأهمية بحيث عليك تجاوز أصول المحاكمات” بينما يعمل هو على إظهار استعداد الولايات المتحدة لخوض كل منافساتها السياسية والقانونية مع الآخرين، عبر قواعد متعارف عليها دولياً” وهو الأمر الذي ركز عليه “سبيلبرغ” في الفيلم “الدفاع عن المثالية والقيم التي تحرص أمريكا على الظهور بها” وهي ذاتها الصورة التي مثّلها دونوفان وحده في الفيلم، وتم تسليط الضوء عليه بالتالي نجماً وحيداً للعمل، بينما بدت الشخصيات الأخرى ثانوية بعيدة كل البعد عن المثل والخصال الإنسانية.

جرعة إضافية
في محاولة لزيادة جرعة الإثارة يتم إطلاق طائرة تجسس مزودة بكاميرات مراقبة من قبل السي آي إي “سرعان ما يتم إسقاطها وأسر طيارها” فرانسيس غاري باورز «أوستين ستويل» لتتحول قضية محاكمة الجاسوس المفترض إلى عملية تبادل أسرى وجواسيس، يكلف بها دونوفان، يزيد في تعقيدها طالب محتجز لدى السلطات في برلين الشرقية، وحيث أن عملية التفاوض والتبادل ستتم في برلين مع مفاوضين سوفييت وألمان، وفي مكان شهد غالبية عمليات التفاوض وتبادل الجواسيس حينها، هو جسر “غلينيكر بروكه” أو جسر الجواسيس الذي استمد منه الفيلم اسمه، يصر المحامي النزيه معتمداً على ثقة متزايدة وأعصاب باردة أقرب إلى البلادة، على ربط القضايا ببعضها، وإعادة الطالب المحتجز برفقته، عامداً إلى إذكاء أجواء التوتر بين الجهتين اللتين يفاوضهما؛ بغية الوصول إلى غايته، في مغامرة تبدو غير محسوبة، إلا أنها بالطبع لن تنتهي إلا كما هو مرسوم لها من قبل صنّاع الفيلم، ليأتي صورة منمقة ومرتبة عن المثل العليا الأمريكية التي تسوق نفسها من خلالها.

الأبطال
الفيلم وبرغم ارتباط اسمه بمخرج كبير كستيفن سبيلبرغ مع قيمة مضافة لا يستهان بها هو توم هانكس، الذي كان الفيلم هو التعاون الرابع بينه وبين المخرج الكبير، إذ قدما في العام 1998 فيلم “المجند رايان” الذي يعد أحد أيقونات السينما العالمية، وفي العام 2002 قدما فيلم “أمسك بي إن استطعت” أما في العام 2004 فكان لهما فيلم “المحطة”، إلا أن فيلم جسر الجواسيس لم يكن على مستوى التوقعات، خالياً من البريق وعناصر الجذب والإثارة التي تحيط بعالم الجاسوسية، لا مشاهد تحبس الأنفاس ولا مشاعر تأخذك إلى الغيم، مشاهد منسابة بشكل تلقائي، رتيب وبسيط، لم تصور مرحلة الحرب الباردة على حقيقتها آنذاك، كفترة مليئة بالجراح والآلام والقلق من الحروب المرتقبة، وأعمال الجاسوسية وألاعيب السياسة، والتحدي الكبير لما تخلّفه الصدامات بين الدول الكبرى، فأتت عملية التفاوض وما أحاطها من أحداث بسيطة لا تحتاج رجال محنكين لخوض غمارها، إذ يكفي مواطن أمريكي عادي كالسيد دونوفان ببلادته وبروده القاتل، للوصول إلى الغايات المطلوبة، فيلم أبطاله “هانكس” بالإضافة إلى “سيناريو وحوار” متقنين.
بشرى الحكيم