القيم العليا.. وهذا الكذب العام
أكرم شريم
من المؤكد أن الإنسان ومنذ البدايات ولا نعرف كم من ملايين السنين تبعدنا عن تلك الأيام، كان حريصاً على الصدق والحب والمحبة وبقية القيم العليا كلها، لأننا نعيش عليها وبها ولا نستطيع الاستغناء عنها، أو استبدالها بأية أشكال أخرى من الأخلاق أو القيم، وكل هذه المحاولات تفشل دائماً فشلاً ذريعاً وفاضحاً، ومهما حاول أعداؤنا وأعداء الشعوب تغطية هذا الفشل فإن إنسان اليوم، وفي كل مكان في هذا العالم يعرف هذا الفشل الذريع بل هذه الفضيحة الإنسانية، وربما الإجرام بحق الآخرين إذا هو خالف أو ابتعد أو اعتدى على هذه القيم العليا الإنسانية! وأضرب أمثلة هنا، وليس مثالاً واحداً كي نساهم نحن أيضاً في التأكيد على هذه القيم في حياتنا وحياة البشر أجمعين!.
أولاً: كذب وكرامة لا يجتمعان!. فكيف يمكن أن يجتمع هذان المتناقضان في إنسان واحد بل وفي وقت واحد وفي موضوع واحد، وأمام كل الناس؟! لأن من المعروف أن الكرامة شعور عام بل هي مشاعر عامة بل هي أيضاً -وهذا هو الأهم- تربية منزلية أولى ثم استمرت صحيحة وسليمة وقوية حتى حافظ عليها الإنسان وحافظت عليه مدى حياته.. إنها كرامة الإنسان التي تربى عليها قبل كل البدايات وشكلت له الحاجة الماسة إلى هذه القيم وإنشائها وكذلك كل العادات والتقاليد العامة، الجميلة والرائعة، ومعرفتها قبل تشكلها وكذلك كل القوانين والأنظمة الإنسانية ومعرفتها قبل وضعها أيضاً!.
إذن.. كذب وكرامة لا يجتمعان أبداً.
ثانياً: كذب وصداقة لا يجتمعان أبداً!. وكيف يمكن أن يجتمع اثنان: صديق صادق ومخلص مع كاذب؟! فالكاذب مكشوف أبداً، ومهما قالوا له وهم يدربونه بأنه لن ينكشف فإنه مكشوف ومن أول فعل أو فعلة له سيصبح مكشوفاً، وينتشر خبره ومن سيصبح صديقاً له إلا الذي لا يعرف وسيعرف حتما، والمغرر به والذي سيعرف أيضاً وحتماً!؟.
إذن وبكل تأكيد كذب وصداقة لا يجتمعان!.
ثالثاً: كذب وحب لا يجتمعان. وهذا من البديهي أكثر من غيره ففي الحب دائماً نقاء مطلق وتسامح مطلق وتضحيات مطلقة وذوبان مصالح وأشخاص وآراء ومواقف وبشكل مطلق أيضاً!. والحب حب كل شيء في الآخر وتسامح عن كل شيء في الآخر. ورضى بكل ما لدى وما يريد هذا الآخر (وطبعاً عدا ما لا يمكن تجاوزه من التصرفات) وكأن الحب منحة سماوية لهذا الإنسان خاصة وأن الآخر مثله تماماً وفي كل هذه المشاعر والمواقف والتضحيات!.
إذن.. كذب وحب لا يجتمعان أبداً!.
ورابعاً وخامساً وسادساً.. كذب وجيرة لا يجتمعان!. وكذب وزمالة لا يجتمعان!. وكذب ومحبة لا يجتمعان!. وكذب وشراكة لا يجتمعان! وكذب وزواج لا يجتمعان وكذب ودين لا يجتمعان!. وأية صفة فيها خير وطيبة أو شرف لايمكن أن تجتمع مع الكذب.. طارد القيم العليا، وقناع الأعداء مثل كل تصريحات أعدائنا وأعداء الشعوب والمساعدات التي يدعونها، وكل ما يقولونه دائماً وباستمرار ومدى الحياة وهكذا تكون النصيحة اليوم أن حياتنا الحلوة التي نتمنى لنا ولأبنائنا وشعوبنا وكل الشعوب يجب أن تخلو من الكذب بكل أشكاله وأنواعه وأسبابه ومبرراته، بل وأن نضيء وبكل الكواشف التربوية والإعلامية وتحديداً لكشف هذا الكذب العام، وفي كل مكان وبكل ما نملك من الوسائل والأدوات الفردية والجماعية، لأن في ذلك مصلحة عامة ولكل شعوب العالم أيضاً، ودائماً وباستمرار!.