ثقافة

“سبهان آدم” بلاغة الفكرة في اللوحة

أكسم طلاع

لم ينقطع الفنان سبهان آدم عن إنتاج اللوحات والرسم وفق فكرته التي يمشي في فضائها الغرائبي، ولم يتوقّف إنتاج هذا الفنان الإشكالي عن أعماله التي تثير العديد من الأسئلة في الوسط التشكيلي السوري والحذر تجاه الموضوعات الجديدة، وخاصة التي تلامس منها عوالم البشاعة والاغتراب والتوحش، فضلاً عن الموجة الطويلة لأثر هذه الأعمال عند المتلقي والمقتني تحديداً، الذي يدفع المال مقابل امتلاك لوحة يعلّقها في بيته، على خلاف السائد قبلاً من الأذواق التي تميل نحو الأعمال الجميلة ولوحات الطبيعة الصامتة واللوحات التقليدية للفنانين السوريين وسواهم. إلا أن لوحة الفنان آدم، تفرض على صاحبها مزاجاً مغايراً من الذوق والتوتر والخوف والشك في كل ما يحيط بالإنسان من شرور وجنون، قد تصل إلى حدود من شيطنة العقل البشري وانحطاطه الذي يتضح في الشجاعة التي تنشدها اللوحة، وفي الفكرة البليغة في نقدها للواقع الذي وصل إلى الحضيض الأخلاقي بجرائمه واستلابه للآخر، وتفشّي مرارة البؤس في الواقع الشخصي والاجتماعي البشري.
تعرّف الجمهور السوري على هذا الفنان مثلما تعرف عليه أصحاب صالات العرض في أوروبا والغرب في فترة تسعينيات القرن الماضي، وكتب عنه العديد من الأسماء الأدبية والنقدية مستبشرين بهذه التجربة الجديدة القادمة من أقصى الجزيرة السورية، لتفعل فعلها في وسط العاصمة التي تشهد تدفّقاً للمعارض التشكيلية وإقبالاً كبيراً على شراء اللوحات، ليتصدّر هذا الفنان المجتهد أعلى القائمة من حيث الإقبال والبيع الذي تتحوّل معارضه إلى ما هو أشبه بالمهرجان بفكرته الواحدة التي لم يعمل على سواها أبداً، فقد استطاع أن يقدّم الأنموذج المختلف عن الفنون التي تستطيع كسر الرتابة وتفعل فعلها المختلف في سوق اللوحة السورية، ويبدو أن وراء هذه الفكرة ماكينة إدارية واعية في التسويق، ومتمكنة من محيط الأصدقاء والقادرين على امتلاك اللوحة والمراهنة عليها كخيار رابح مالياً على الأقل وقابل للاستثمار.
افتتح المعرض الأخير للفنان سبهان آدم في صالة “الآرت هاوس” منذ أيام في جوّ احتفالي أعاد للفن التشكيلي والصالات الدمشقية أمسها الجميل، حيث يحتشد الناس لحضور معرض للفن، ولم يكن بالمناخ التقليدي للمعارض حيث جعل فناننا من افتتاح معرضه حالة باذخة كما عهده جمهوره من حفاوة المحب، وبالفعل هذا الأمر خفّف من ضراوة الوجوه التي يعلّقها على جدران الصالة ومن ضراوة الفجيعة التي حدثت بسبب ما شاهده السوريون من فعل القتل والإرهاب الأسود.