ثقافة

“وجوه” يرسم وجع المرأة وينقل آلامها بصدق

لم يأتِ النجاح الكبير الذي حققه عرض “وجوه” والذي قدّمته فرقة المسرح الجامعي لجامعة تشرين على خشبة مسرح دار الأسد للثقافة في اليوم الثالث لمهرجان المسرح الرابع في اللاذقية عن عبث، بل كان نتيجة حتمية وتتويجاً لتعاون وشراكة إبداعية حقيقية للمسرح الجامعي، مسرح الشباب  المتجدد والمؤمن بأهمية المسرح كأداة توعية وتثقيف حرة، تعكس ما في دواخل هؤلاء الشباب من أحاسيس وأفكار إبداعية، إضافة إلى كون المسرح تجسيداً لواقع المجتمع بسلبياته وإيجابياته، ومن خلال هذا العرض يمكن أن تصل فرقة المسرح الجامعي في اللاذقية اليوم إلى موقع متميز بالمقارنة مع مثيلاتها في المحافظات.‏
العمل مقتبس من نص “نساء لهن ماض” للكاتب ديمتري ديموف الحائز على الجائزة الأولى لمهرجان المسرح الجامعي في العام 2015، ويعكس العمل حالة المرأة في زمن، فُقد فيه الحب، وضاعت فيه المشاعر الإنسانية النبيلة، ويتحدث عن معاناة المرأة وظروفها الاجتماعية التي تمنعها من تحقيق طموحاتها، وحاول فريق العمل (رهام التزه ورونق القدار والحسن اليوسف ووفاء غزال وخليل دالي ونغم غزال ولارا امون) تقمّص شخصيات “وجوه” الموجودة في المجتمع السوري.
العمل من إعداد وإخراج جماعي، ورسالته واضحة في رسم معاناة المرأة، ونقل آلامها بأسلوب كوميدي، وكان بادياً على الجمهور رضاه عن العرض، واقتناعه بالأدوار، فـ (سما) شابة جميلة تتعرف على كاتب وتقع في حبه، لكنها تتزوج من شخص آخر، ويخدعها زوجها بعلاقته برفيقتها (لورا) الشخصية الوصولية التي تتخلّى عن الأخلاق.
وتقول الممثلة رهام التزه عن دورها (سما): إنه تجسيد لدور الزوجة المثالية التي تحترم زوجها، وتكبت مشاعرها، وتتحمّل الأمرين من حماتها، وتبقى على إنسانيتها لا تغيّرها الظروف.
وينقل خليل دالي بدوره الزوج (بديع) حالة الرجل الشرقي الذي لا يكترث لمشاعر زوجته، ويكذب عليها، وتجسّد الممثلة وفاء غزال شخصية صاحبة الخادمة التي منعتها ظروفها وحالتها الاجتماعية من تحقيق طموحها لتكون مطربة.
ويعتبر العرض تجربة ناجحة ورائدة للشباب، لأنهم استطاعوا الولوج إلى مشاعر الحضور، والتفاعل مع كل شخصية، حيث يجمع كل ما هو سمعي وبصري معتمداً على نقل الظروف الحياتية ما بين مواهب التمثيل والموسيقا التي تتوافق مع الرقصات الجميلة بطريقة مدروسة وتقنيات عالية.
رغداء جديد المشرفة على إخراج المسرحية، أشارت إلى أن دورها اقتضى تطوير النظرة الإخراجية، باعتبار المخرجين من الطاقات الشابة، وليس لديهم الخبرة الكافية لتطوير العرض، حيث تم التركيز على الممثل وأدائه وأحاسيسه على المسرح، لافتة إلى أن العمل ينقل وجع المرأة بكل مراحل حياتها وظروفها الاجتماعية، وفقدانها الحب والاحترام، كما قدّم فريق العمل عملاً متكاملاً من حيث الموسيقا والسينوغرافيا والإخراج.
وحول المهرجان تحدّث الفنان حسين عباس رئيس فرع نقابة الفنانين في اللاذقية، مدير المهرجان، أنه مشروع ثقافي علينا القيام به وتجربة العمل ناجحة، ممثلة بالحضور والتفاعل ما يشجّع على النهوض بالطاقات الشابة، وتجسيد أحاسيسهم بقدراتهم المسرحية المحدودة للمسرح، مؤكداً أن عودة مهرجان نقابة الفنانين للحياة، يتطلب من المعنيين العودة بقوة، الأمر الذي دفعنا لاختيار هذا العرض الفائز بجائزة أفضل عرض خلال مهرجان المسرح الجامعي العام الماضي.
عائدة أسعد