ثقافة

مكتبات الأرصفة

لطالما حظيت مكتبات الأرصفة باهتمام الكثير من القراء حيث تواظب قطاعات واسعة من المهتمين على متابعة واقتناء عناوين قيّمة في موضوعات سياسية واقتصادية وثقافية وأدبية وفكرية وفلسفية وترفيهية. سيما في زمن تراجع القراءة وانتشار ثقافة كتب النجوم والمصارعين والأبراج والتفاسير الدينية عبر المكتبات المرتجلة والبسيطة، مكتبات الرصيف, تلك الظاهرة الجميلة والمهمة التي عادت للظهور بعد احتجاب قسري خلال السنوات السابقة بسبب الحرب في حمص. يمكنك اليوم أن تجد كتابا قديما مليئا بالملاحظات المكتوبة على هوامشه من على “بسطة” للكتب المستعملة بين كتب متنوعة مستعملة في الفلسفة والاقتصاد وكتب يسارية تعود إلى العهد السوفيتي, إلى جانب كتب ليبرالية انجليزية وعربية وفرنسية وهي كتب إما باعها أصحابها مباشرة أو حصل عليها صاحب البسطة من المخازن والمكتبات الكبيرة أو المطابع.
الكتب القديمة إلى جانب الجديدة, ومن المعروف أن مكتبات الرصيف تقدم خدمات جيدة لمتابعي الإصدارات الثقافية وللطلاب الذين يجدون المراجع والكتب العلمية، إلى جانب الروايات والمؤلفات الشعرية والمجلات البحثية بأسعار مناسبة واقل من أسعار المكتبات الكبيرة “قصر الحلوى وحليب اسود, قواعد العشق الأربعون المعلم والفتى المتيم وأعمال أخرى” لأليف شافاك بسعر يتراوح بين5000-1000 إحدى عشرة دقيقة” و”الخيميائي” و”الشيطان والآنسة بريم”…سعر تقريبي وأعمال مختلفة لباولو كويلهو على أرصفة المدينة بـ -500-300- للنسخة الجديدة المجلدة بشكلها الأنيق وبأغلفة مختلفة، أحلام مستغانمي غابرييل غارسيا ماركيز في “الحب في زمن الكوليرا” و”خريف البطريرك”. نعم قد تكون نسخاً مزورة في غالبيتها فقد وجد أصحاب المطابع أنها فرصة مناسبة في ظل توقف أعمالهم بعدما توقفت أغلب منتجات معامل الشيبس، ومعامل الأدوية والمنتجات التي كانت تحتاج لطباعة أغلفة، وما يمكن تسميته تزويرا هو مجرد طباعة دون إذن الكاتب، كما قد يقول أصحاب تلك المطابع بعدم وجود قانون ملكية معمول به. المكتبات الكبرى أيضا وجدتها فرصة لجني أرباح إضافية في وقت صار فيه شراء كتاب يشكل هما على كاهل الرغيف ولا زبائن تشتري. فكرة النسخ المزورة يدافع عنها الكثيرون بأنها وسيلة مشروعة لتأمين كتاب جيد بسعر منخفض ومربح للجميع، وهذا يعني أن الجميع رابح، المكتبة والطابع والقارئ، والمواطن لن يتمكن من شراء الكتب بأسعار غالية في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة من السوق، ولا السوق سيغامر بكتاب لا زبون له.. الحل الجزئي ربما يكون في مكتبة الرصيف وتكلفتها المتواضعة, حيث يكفي لوح خشب، أو حتى قطعة من النايلون سريرا لأمهات الكتب الحديثة والقديمة بانتظار شد اهتمام المارة وخاصة عمر الشباب، سيما أن اغلب مكتبات الأرصفة تتواجد قرب الجامعات أو على سورها الخارجي أو في الطرقات التي يقصدها الطلاب، مما يسهل عليهم الاطلاع على الإصدارات الثقافية الأحدث بأسعار تكاد تبلغ نصف السعر في المكتبات الكبيرة، الملفت هنا أن البائع الذي غالبا ما يحفظ كل العناوين وربما الكثير من مضامينها أيضا لاشك جميل في حياتنا الثقافية العامة, أبو علي الرجل الخمسيني الذي يبيع الكتب قال: نحن لسنا كالمكتبات المشهورة والتي تحولت مبيعاتها للكتب التقنية والدينية والتفاسير ورد السحر، لدينا كل شيء وبأسعار وجودة عالية بالنسبة لبضاعة مستعملة ونسخ جديدة أيضا، مضيفا: لم يعد الكتاب يعامل باحترام لما يحتويه، الكتب في الغالب تعامل بالحجم وبالشكل. مجموعة قليلة من المثقفين الذين يعرفون ماذا نعرض وما قيمته الحقيقية, هنا يجد المهتم الكتب التي يريدها بسهولة وان لم يجدها وطلبها سنحضرها له، مشيرا أن الراويات هي الأكثر مبيعا. السيد أبو عبدو صاحب مكتبة أتت عليها الحرب فانتقل إلى حديقة الدبابيير عبر بسطة كتب، ومن ثم انتقل إلى قرب نفق الجامعة لأنها المكان الأمثل  لتواجد شريحة الطلاب المعنيين بالمتابعة والقراءة أكثر من سواها.
سمر محفوض