ثقافة

“من روح الشرق” أنماط موسيقية وقوالب حرة

وجد الحاضرون في أمسية “موسيقا من روح الشرق” على مسرح الدراما في الأوبرا شيئاً مختلفاً بعدما اعتادوا على التوزيع الموسيقي الأوركسترالي وبمشاركة عدد كبير من العازفين، إذ شارك في الأمسية خمسة عازفين من أساتذة المعهد العالي للموسيقا والذين اشتُهروا بحرفيتهم الموسيقية، المايسترو عدنان فتح الله عازف العود، ومحمد نامق عازف التشيللو، إبراهيم كدر عازف الناي، وعمران عدرة عازف القانون، ومازن حمزة عازف إيقاع، بتقديم مقطوعات من الموسيقا الشرقية من بلدان متعددة منها سورية والعراق وتركيا وفق قوالب الموسيقا العربية، ومقطوعات ذات قوالب حرة، إضافة إلى المقطوعات التي كتبها المايسترو فتح الله لصولو العود، ثم تمّ الإعداد الموسيقي لها لتعزفها فرقة التخت الشرقي في هذه الأمسية التي ربما تكون بداية انطلاقة لها.
تقوم فكرة الأمسية على التناغم والانسجام الموسيقي من خلال تفرد إحدى الآلات كلحن أساسي  بارتجالات العازف ضمن خطة الإعداد الموسيقي مع مرافقة الفرقة، تتبعها آلة ثانية بأخذ دور اللحن الأساسي، وفي مواضع شكلت مايشبه الثنائيات بتفرد آلة العود كلحن أساسي مع آلة القانون كلحن مرافق، أو مع آلة الناي، مع حضور التشيللو كصولو والإيقاع للعازف مازن حمزة في أغلب المقطوعات وقد عزف على عدة آلات إيقاعية.
وتأتي هذه الأمسية ضمن خطة المعهد العالي للموسيقا بالتوجه نحو نشر ثقافة الموسيقا الآلية كفنّ قائم بحدّ ذاته بعيداً عن الغناء، والحضور الكبير ليس فقط من قبل المتخصصين بالموسيقا وإنما من كل الشرائح يؤكد على أن الجمهور يتذوق الموسيقا الآلية التي تثير تفكيره لتخيّل الأفكار التي تترجمها. وفي منحى آخر كانت خطوة من الخطوات التي تمضي بها وزارة الثقافة بتوثيق الأعمال السورية والحفاظ على تراثنا الموسيقي.
تميّزت الأمسية بالتنوع الموسيقي بين الفلكلور القديم بمقطوعة “يا بو العيون السود” إلى مقطوعة جورجينا للمؤلف يوردال توكجمان التي بدأت بالعود كلحن أساسي بمرافقة القانون ليتفرد فيها التشيللو مع حضور الإيقاع، كما عزفت الفرقة مقطوعات من أعمال المؤلف السوري حسان سكاف، سماعي هزام ولونغة عجم عشيران، ولونغة نهوند لجورج ميشيل، ومن أعمال المؤلف جوكسيل باكتاجير موسيقا العاصفة ونحن نعرف القصة، وبدا تفاعل الجمهور مع المقطوعة المألوفة موسيقا النهر الخالد لمحمد عبد الوهاب، إذ ارتبطت بأذهان الناس بالصورة البصرية لكلاسيكيات الموسيقا العربية، وعزفتها الفرقة بإحساس رقيق فكانت الأقرب إلى الجمهور. أما آراء الجمهور فكانت مختلفة فبعضهم وجد نفسه في نغمات الناي التي تميّزت بطغيان إحساس العازف إبراهيم كدر، وآخرون فضلوا التشيللو، وبعضهم القانون وهذا يتبع الذائقة الموسيقية المرتبطة بحساسية كل شخص.
اللافت في الأمسية هو المقطوعات التي ألّفها عدنان فتح الله “تحميل بيات”، والتي ركزت على إظهار تقنية العود، وجاءت بأنماط موسيقية مختلفة ففي مقطوعة “سؤال” حالة درامية تثير المتلقي منذ بدايتها بإيقاع سريع بتناغم العود والإيقاعيات، مما يشير إلى علامات استفهام يتخيلها المتلقي حول أمر ما، كما تميّزت بمساحة لحضور الناي كصولو، لتنتهي أيضاً بقفلة سريعة للعود، وبدا استخدام فتح الله لتقنيات العود بشكل أكبر من خلال المقطوعة التي ألّفها بعنوان ” كابريس رقم 1″ وتتبع للنمط الموسيقي كابريس ضمن مقطوعة موسيقية ذات إيقاع سريع جداً، وتعتمد على مهارة العازف باستخدام أقصى درجة من تقنيات آلة العود لإظهار اللحن الموسيقي السريع والصعب، وستكون هذه المقطوعة بداية لكابريسات متلاحقة يؤلفها فتح الله بما أنها حملت الرقم 1، وقد استحوذت على إعجاب الجمهور وخاصة المتخصصين بالموسيقا.

ملده شويكاني