ثقافة

بإذن الورد سنبقى على قيد الابتسام

أشرب قهر مدينتي كل يوم مع قهوة الصباح.. أضيف السكر بلا رحمة.. نعم أتبع الآن سياسة تحلية ما استطيع إليه سبيلا فأحلّيه من مرارة هذه الأيام
أضع بذور الحب والأمل في تربتي المالحة التي غطاها الثلج منذ أعوام، ونسيت أن تتعاقب عليها الفصول فكان الشتاء فصلها الوحيد، ولكن لا أخفيكم سراً وعدتني غيمة بأنها ستسقي زرعي ويزهر هذا العام.
لن أجلس مكتوفة الأيدي.. سأرشي الحظ والدروب والمواعيد والعمر.. لقد مللت الانتظار.. أنا من سيذهب للوقت وبلا خجل أو حياء، سأقطعه بصمت جنائزي وأغلب بضربة قاضية ذاك المحتال..
سأحول ألمي واختناقي وعتبي على قدر مفاجئ كموت عزيز مثلاً إلى رواية وأترك أثراً كبوصلة لغيري من الأحياء.
لن آخذ الحياة على محمل الجد أبداً، إنها لا تستحق كل هذا التفكير، أخبرتني هذا تجاربي في مطلع كل قهر.
أنا لست موجودة بالفعل، أنا موجودة بالقوة الطبيعية في الحياة.. أنا لست فاعلاً، أنا كعربي مفعول به على مر الزمان.. المجانين يلعبون خارج الوقت.. بحرفية يفكرون، وكم أستعمل أقوالهم المأثورة في ردات الفعل، هم مبدعون بحرفيتهم وأعمالهم وأشغالهم وأنا مبدعة بصمتي.. صمتي هو برجي العاجي أنزل منه عندما يشتد الألم بمن حولي فقط.. أنا أعلم أن مفرداتي لن تقيهم برداً، أو تحميهم من جوع، أو تجعلهم ينجون بأرواحهم من قذيفة أو صاروخ، ولكنها قد تكون بطاقات تشحنهم بالحب وتجعلنا مع بعض أكثر إنسانية في هذا العالم الموتور من كل أطرافه.
لن أسمح باحتكار ضحكتي وبيعها لي من جديد بسوقهم السوداء سأستهلكها إلى آخرها، أو ربما أوزعها على تعساء بلدي بالمجان..
كنت ومازلت من عبدة الشتاء، وحتى اللحظة يدهشني لقاء المطر مع الأرض، يدهشني هذا العناق.. لقاء حار له رائحة لا تشبه أي شيء في الحياة.. الآن أشاهدها وهي تفتح ذراعيها ضاحكة لتتلقى المياه الذكورية في أعماق صدرها، بينما هو ينهمر عنيفاً ومفاجئاً ليسقيها ويخصبها.. الأرض والمطر تعريف للحب بطريقة مختلفة.
أريد أن أعرف لماذا لا يحب الناس الحياة؟ لماذا يقتلون بعضهم بهذه البشاعة؟
هل ثمة أشياء لا نعرفها سيدركونها قبل الموت بلحظات..؟ الحياة أجمل ما فيها أنها كجسد جميل هارب على الدوام لن تمسك به، لكنك تتمنى أن تداعبه على الأقل أو تشم رائحته..!!
أيامنا الضائعة تلك سأغلفها جيداً وأرسلها كهدية، عربون لقلة الوفاء.. وسأشهر كل وسائل الحب  المتبقية بحوزتي كي أبقى على قيد السلام في زمن بات غير صالح للاستعمال..
وأخيراً بإذن الورد سأحتفل بعيد الحب هذا الشتاء..
لينا أحمد نبيعة