ثقافة

بسام كوسا.. عطر الليل

سلوى عباس
تألق الليل.. ليل الجمعة الماضي بحضور المبدع بسام كوسا الذي استضافته المتألقة هيام حموي في الحلقة الأولى من برنامجها “عطر الليل” على أثير “شام أف أم” في رحلة حوارية تجاوزت رتابة الحوارات المغلّفة بإطارات المجاملة والتكلف، فأضاءت بالبوح النابض بالحب والأمل حيناً، وبالحزن والشجن حيناً آخر، عتمة ليلنا الموحشة، بوح حملنا على أجنحة مساء ملون بحكايات فردتها لنا هيام حكاية إثر أخرى عبر ملامستها وجدان ضيفها وإنسانيته، ودغدغت ذاكرته بأحداث ربما تكون قد غابت عن ذهنه، فبدت الحالة أشبه بجلسة مكاشفة ومصارحة بين صديقين أخذتهما الحياة في زحمتها، وعندما التقيا كان لقاؤهما مطرزاً بشغف اللحظة التي تخفي في طياتها تفاصيل غابت عن الذاكرة وحانت لحظة استذكارها بكثير من الحميمية التي طبعت هذا البرنامج بطابعها، وهذا يدل على الجهد الكبير الذي بذلته هيام في الوقوف على أدق التفاصيل التي تتعلق بتاريخ هذا الضيف، بأسلوب حرفي وشفاف تطلعنا من خلاله على الوجه الآخر لضيفها الذي عرفناه عبر أعماله الفنية، وفي هذا البرنامج عرفناه في جانبه الإنساني والحياتي، وكان الموعد الجميل هذه المرة مع فنان متألق بالحياة، ومسكون بهاجس الفن والعطاء، وقد بدا متصالحاً مع ذاته وجمهوره عندما تحدث بكثير من الشفافية حول الموضوعات التي طرحتها معه محاورته، فعبّر عن ضرورة ترافق الإعمار الاقتصادي مع إعمار النفوس، وأكد على أهمية المصالحات التي تحصل في مناطق مختلفة من سورية، وتمنى أن تمتد إلى الفنانين السوريين في الخارج وطالبهم بالعودة إلى بلدهم لأن سورية وطن للجميع، والخلاف في وجهات النظر لا يجب أن يؤول لغايات شخصية.
وأسف الفنان كوسا لعدم استيعاب بعض الموجودين في الخارج أن الحرب على سورية هي حرب اقتصادية شاركت فيها الكثير من الدول، وأن الخاسر الوحيد فيها هم السوريون، واستغرب غياب الرحمة بين السوريين حيث تجار الأزمة الذين يمثلون خطراً على الناس والوطن يفوق خطر “داعش” والمعاناة من هؤلاء التجار هي حرب أخرى أقسى بكثير من كل ماعاناه الشعب على مدى سنوات الحرب الست.
وبكل شفافية وجرأة تناول السلوكيات غير الأخلاقية لأصحاب شركات الإنتاج الفني وممارساتهم المسيئة الذين تحولوا أيضاً إلى تجار أزمة باستغلالهم حاجات الناس، وهذا لا يليق بالفن ورسالته السامية، وأكد على عدم مشاركته في أي عمل يُطرح عليه من قبل هذه الشركات إذا استمروا في تعاملهم بهذا الأسلوب.
وأشار إلى الارتجالية التي تعاني منها الدراما وافتقادها لرؤية إستراتيجية قائلاً: نحن لا نعمل ضمن خطط إستراتيجية قادمة على كافة الأصعدة، ومن أهم أمراضنا إلقاء اللّوم على الآخرين، وقد أثبتت التجارب أنّنا أناس جاهزون للدمار أكثر من البناء.
كما أكد على أن الدراسة الأكاديمية وامتلاك شهادة التخرج لا يعني امتلاك الخريج للمهنة، فالتمثيل مهنة إبداعية وعلينا تقديم أفضل ما نمتلك، في إشارة إلى إشرافه على بعض عروض التخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية.
وتمنى أن تستعيد سورية عافيتها، لأنها بلد يمتلك طاقات شابة هائلة يجب استغلالها، خاصة وأن الثقافة والفن يمثلان البوابة الحقيقية لحضارة أي بلد، متمنياً أن نمتلك رؤية نزيح عبرها سوء الفهم عن ثقافتنا وحضارتنا وتاريخنا، ونظهر من خلالها الصورة المشرقة لبلدنا
ساعتان قضيناهما مع الحلقة الأولى من برنامج “عطر الليل” حكمهما الحميمية والصدق والتجلي الإنساني، مع فنان يحمل غنى ثقافياً ومعرفياً يحتاج لجلسات مطولة لا يحدها الوقت، فشكراً بسام كوسا لانتمائك لنا كمواطنين يضمنا جميعاً بلد جميل هو سورية، وشكراً لك هيام على هذه الفسحة من المتعة والمعرفة التي عشناها مع برنامجك المفتوح على الآفاق كلها، يميزه أسلوبك العفوي والتلقائي في محاورة ضيوفك.