ثقافة

باغبودريان يعزف لـ بيتهوفن.. ابداع آخر

يبدو أن المايسترو ميساك باغبودريان تقصد اختيار السيمفونية الخامسة لبيتهوفن –سلم دو مينور عمل رقم67- والتي سُميت بضربة القدر، وعبّر فيها بيتهوفن عن انتصار إرادته للحياة، لتعزفها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية على مسرح الأوبرا في الوقت الذي تصرّ فيه سورية على كتابة النصر، وتستعيد الفرقة أيضاً ذكرى مشاركتها بالملحمة الوطنية “تدمر بوابة الشمس.
تفاعل كبير من الحاضرين مع الضربات الموسيقية النهائية التي أبدعت فيها الفرقة بقيادة باغبودريان بمشهدية موسيقية تسطر نجاحاً جديداً للموسيقيين السوريين، وتوصل الرسالة الموسيقية للعالم بأسره بأن سورية مستمرة بفنونها.
كما قدمت الفرقة تجربة جديدة لتعاون الموسيقيين الشباب لإظهار مهاراتهم وقدراتهم على التواصل مع العزف الجماعي والمنفرد مع الفرقة، من خلال العمل الأول لموزارت “كونشيرتو للفلوت والهارب والأوركسترا”. بمشاركة بالعزف المنفرد لعازف الفلوت طارق حاتم، وعازفة الهارب رهف شيخاني.
ولم يأت تميز الأمسية من حضور الفلوت والهارب فقط، بل كان لآلة الباصون دور في العمل الثاني لسيمفونية بيتهوفن. وتميّزت أيضاً بمشاركة عميد المعهد العالي للموسيقا المايسترو أندريه معلولي بالعزف على الفيولا في العمل الثاني سيمفونية بيتهوفن.

الفلوت والهارب
ومن المعروف أن مؤلفات موزارت جمعت بين الجدية والمرح وتميزت بالامتدادات اللحنية اللامعة، فبدأت الفرقة بعزف كونشيرتو الفلوت والهارب والأوركسترا بالحركة الأولى –حيوية- بالتواصل بين الوتريات ليأخذ الفلوت – العازف طارق حاتم- الدور الأساسي للحن بشكل منفرد وبالتناغم مع نغمات الهارب – العازفة رهف شيخاني التي تتابع اختصاصها في كونسرفتوار سانتا تشيتشيليا في روما– التي سُميت بصوت الأحلام، هذه العلاقة الموسيقية التواشجية أضفت أجواء رومانسية، بتداخل الصوت الصافي والرقيق لآلة الفلوت القادرة على عزف الجمل القصيرة والامتدادات اللحنية، لتنتقل الفرقة بحركة معتدلة وأحياناً بطيئة لمساحة أكبر لنغمات الهارب- الآلة الوترية القديمة التي اخترعها الفراعنة، فدخلت ضمن موسيقا الطقوس الدينية في الكنائس، ومن ثم أصبحت آلة مشاركة بالفرق السيمفونية- بألحان مختلفة مع الفلوت، ويتكرر العزف المنفرد للفلوت مع الفرقة ويبقى صوتها الأعلى، وفي الحركة الثالثة بدأت بحركة – روندو حيوي- وهو أحد القوالب الموسيقية التي تعتمد على لحن واحد يتكرر، وقد وظّفه موزارت بالانتقالات الموسيقية التفاعلية، بدأت نغمات الهارب مع مساحة كبيرة للفلوت من خلال الامتدادات اللحنية  بالاشتراك مع جزء من الآلات النحاسية والنفخية وخاصة الهورن والكلارينيت، وفي مواضع أخذ صوت الهورن دور الفواصل الموسيقية.

دور الباصون
وشغلت السيمفونية الخامسة لبيتهوفن – سلم دو مينور عمل رقم 67- القسم الثاني من الأمسية بمشاركة أكبر من العازفين والآلات وباختلاف المناخات الموسيقية وانتقالاتها من الألحان القريبة من الرومانسية، إلى الزخم الموسيقي والقوة بالألحان وبالجمل الموسيقية، وبدأت الفرقة بحركة حيوية ولامعة ليكون لآلة الباصون دور كفواصل، وتشترك جميع الآلات بحركة سريعة بمسار النحاسيات والوتريات مع آلات النفخ الخشبية لتتقاطع مع مسار لحني ثالث مع الضربات الإيقاعية للتيمباني –المؤلف من طبلين فقط في هذه الأمسية-، وفي الحركة الثانية معتدلة الحركة تأخذ في مواضع آلة الباصون دور الصولو المنفرد مع الفرقة – الآلة النفخية ذات الصوت القوي بثلاثة أوكتافات والقادرة على إصدار أصوات متنوعة- وفي الحركة الثالثة سكيرتزو- حيوي وتتميز بتقنيات موسيقية لقسم الوتريات مع التشيللو والكونترباص والنحاسيات ويتكرر صولو الباصون، وتختتم بالعزف الجماعي في حركة حيوية مع دور آلات النفخ الخشبية والنحاسيات، لتصل الفرقة إلى مشهد النهاية بتصاعد درامي كبير وفواصل حادة للوتريات- الفيولا بشكل خاص-  والضربات الإيقاعية للتيمباني.. لتعزف جميعها الجمل الموسيقية الخالدة لبيتهوفن التي تعلن الانتصار بتفاعل كبير مع باغبودريان والفرقة والحضور.
ملده شويكاني