ثقافة

رفيف قنديل.. “نحو طفولة آمنة”

وهي تتهيأ لترجمة نصها الدرامي الأول “شغف الشام” بعدسة المخرج فادي زغيب خلال الأيام القليلة القادمة تؤكد الكاتبة الشابة رفيف قنديل على أن أية تجربة في الحياة لها احتمالات الفشل أو النجاح، متمنية من كل قلبها أن يكون النجاح حليفها قريباً مع بداية مشوارها في الكتابة الدرامية عبر “شغف الشام” وهو أطول فيلم عن أطفال الحرب السورية حتى الآن والأول من نوعه بتناوله قصة واقعية.

الكتابة عشق
ترى رفيف أن الأسباب التي دفعتها للكتابة الدرامية كانت متوفرة بكثافة عالية وتتلخص في شدة الهجمة وفي تداعيات الأزمة الكثيرة، والدليل برأيها واضح على صفحات الفيسبوك، فالجميع له كلماته ورأيه فيما يحدث على الأرض السورية، إضافة إلى حزنها الكبير حين رأت أن ثقافة الطفل انتقلت من اللهو البريء واللعب بالدمى إلى السقوط في الحزن والمرارة وذهاب الكثير من الأطفال إلى عالم الحروب، حتى أنهم حفظوا أسماء بعض الأسلحة وأنواع الرصاص المتساقط وشاهدوا الجثث الممزقة.. هذا القتل لمفهوم الطفولة جعلها تفكر بطريقة لإيقاف نزعة القضاء على أطفالنا السوريين وذلك عبر تبنيها لأفلام تحكي عنهم وإيصالها للعالم لعل الآخر يتفهم قليلاً مآسي تلك الحرب وانعكاساتها على أطفال سورية.
ولا تنكر  رفيف أن الكتابة عندها هي عشق وموروث، فعائلتها لها تاريخ عريق في عالم الأدب، ومنذ أن كانت طفلة صغيرة تكاد تتلمس طريقة كتابة الحرف كتبت قصيدة طفولية لتعبِّر عن حبها لوالدتها، مؤكدة أن معاني هذه القصيدة ما زالت كبيرة بالنسبة لها حتى اليوم رغم ما فيها من عثرات، مبينة أنها كتبت فيما بعد قصائد قصيرة ألقتها في مهرجانات المدرسة، ثم وحين بدأ يكبر الوعي بداخلها كتبت قصائد وزوايا نُشرت في صفحة أدب الشباب في صحيفة “تشرين” ثم اتجهت لعالم القصة فكتبت قصصاً جميلة قامت بنشرها في مجلات مختلفة، كما شاركت في مسابقة مديرية ثقافة الطفل من خلال قصة “فلفول” واقتربت جداً من حدود المركز الأول.

أوجاع الأطفال
تبيّن رفيف أنه حين بدأت الأزمة شعرت أن الهواجس والقلق صارا محرضاً على الكتابة.. ومن هنا بدأت مشوار الكتابة، فكتبت عملين من واقع الحياة التي فُجع السوريون فيها بخسائر جسيمة، وكان تأثرها واضحاً وجلياً وينصبّ على أطفال سورية الذين عرفوا الموت الشنيع بلا ذنب وفقدوا أهلهم وذويهم ومنازل تأويهم وتشردوا وغرقوا في البحار وعاشوا الفقر والبرد والجوع، وهذا مؤلم جداً ولا يستطيع إنسان يملك قلباً أن يتحمله، ومن هنا جاءت أولوياتها في الكتابة عن الأطفال فكتبت عملين لهما، أحد العملين قدمته إلى مؤسسة السينما، والثاني تحت عنوان “شغف الشام” سيرى النور من خلال التلفزيون السوري، إضافة إلى كتابة مجموعة من القصص تم نشرها في صحيفة “الأسبوع الأدبي”  التي تصدر عن اتحاد الكتاب العرب وهي تحمل معاني الحب في زمن الحرب.

نحو طفولة آمنة
أما عن أولوياتها في كتابة فيلم “شغف الشام” تؤكد رفيف أنه أتى كحالة حزن لا يوصف على أطفال سورية والرغبة في أن تصل أصواتهم للعالم أجمع للتأكيد على أن في سورية أطفال لهم سحرهم وجمالهم وبراءتهم وحقهم في الحياة الآمنة والعيش الكريم بعد أن سقط هذا الحق في الأزمة السورية، وعليه كان لزاماً على أهل القلم -برأي رفيف- أن ينهضوا للكتابة عنهم لإيصال أوجاعهم إلى المنابر العالمية، وهذا ما ستسعى إليه من خلال مشروع كامل يتناول الكتابة عن الأطفال وهو يرتبط بمدى توفر الجهات التي تدعم قضايا الأطفال، ليس في ما يتعلق بأطفال الحرب فقط بل بأطفال التسول وأطفال العلاقات الزوجية الفاشلة عبر توفير المناخات التربوية والصحية والترفيهية لتحقيق حياة سليمة لهم متمنية السير في مشروعها الذي أطلقت عليه عنوان “نحو طفولة آمنة”.

غير واقعي ولا مقبول
وعن المباشرة في طرح موضوع فيلم “شغف الشام” ترى رفيف أن السؤال هنا ربما يحمل إجابات عدة، وهو سؤال كان يؤلمها بما يتعلق بالحروب كلها، وخاصة في منطقتنا العربية التي كانت تحمل دائماً أسباباً مباشرة وغير مباشرة، والأسباب غير المباشرة برأيها معلومة للجميع وقديمة، أما المباشرة فقد اختلفت آليتها عن السابق، لكنها اتخذت وجهاً واحداً في أحداث المنطقة العربية التي شهدتها في السنوات الأخيرة.. وفيما يحصل مع أطفال سورية فالأمر كما تشير لا يحمل مفهوم المباشرة أو غير المباشرة لأنها أحداث جرت فيها قصص مؤلمة لامست الأطفال في كل سورية، مبينة أنها لا تريد التوسع في غايات اغتيال الطفولة في سورية الآن، لكن حين نسمع أو نشهد اغتيال الأطفال بلا أسباب:” أفلا يدفعنا هذا إلى المباشرة!”، ونحن في سورية حوالي 23 مليوناً تعرَّض معظمنا لفجائع لا تحتاج الاختزال والرمزية بل المباشرة لأن أحداث الحروب تأتي بالمجمل بشكل مباشر ومفاجئ.. من هنا كان من الضروري عرض الحدث كما حصل وليس بالبحث عن تحليل له أو استخدام الترميز فقط لأن هذا يقلل من أهمية وبشاعة الحدث, فالعالم كله يعرف أن الأطفال وخاصة في سورية لا علاقة لهم بالحروب، فكيف لا نتناول ما يحصل لهم بشكل مباشر؟ وهذا السؤال –برأيها- علينا طرحه تجاه اغتيال الطفولة السورية بشكل مباشر، وإن فعلنا وتجنبنا المباشرة نكون قد قبلنا بالانخراط في تحليلات كل حرب، وهذا برأيها غير واقعي ولا مقبول.

الأطفال فقط
بالعموم لا يهم رفيف حالياً إلا الأطفال فقط، وهنا تقول أنه على الدراما أن تكون أكثر واقعية في قضايا الأزمة، وخاصة فيما يتعلق بأطفال سورية، موضحة أن لديها مشاريع درامية أخرى، منها عمل درامي يتناول قضايا الشباب من الناحية الاجتماعية والتعليمية والعملية والعاطفية قدمته لإحدى الشركات ولاقى استحساناً وتنتظر الموافقة انطلاقا من أن الكتابة في الدراما أصبحت هدف الكثير، والشركات المنتجة لها وجهات نظر خاصة فيما تريد إنتاجه، وربما هنا نلمس التقصير في تناول أطفال الأزمة السورية –برأيها- وإضافة إلى ذلك ما زالت رفيف تكتب ريبورتاجات في الدراما السورية لقناة سورية دراما تعتقد أنها نالت الاستحسان وقد تناولت في بعضها  موضوع متلازمة داون لأطفال التوحد، وناشدت ضرورة تبني الدراما والسينما قضايا أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتختم رفيف كلامها بتوجيه الشكر للإعلامية رائدة وقاف مديرة القناة التي تبنت أفكارها في تلك التقارير الصغيرة، وكل من ساعدها وتفهَّم فكرها فيما يتعلق بضرورة حماية أطفال سورية وتخص بالشكر أ.عماد سارة مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والسيدة فاتنة محمد مديرة رقابة الطفل في الهيئة والإعلامي تميم ضويحي مدير قسم الإنتاج في التلفزيون السوري لتقديم التسهيلات لتصوير فيلمها “شغاف الشام” ليبقى الشكر الكبير للمخرج فادي زغيب الذي تبنى العمل بكل شغف وإصرار واحترافية، وكذلك كل أبطال العمل بداية من الطفلة ميرا والطفل ربيع جان والشابة مادونا حنا والشاب أديب رزق وكل كادر الفيلم وهو الأطول عن أطفال الأزمة السورية، ليكون الشكر الأكبر لولدتها التي شجعتها منذ أن قرأت لها أول كتابة خبأتها خشية منها، وحين شاهدتها قالت: أنت يا ابنتي مشروع كاتبة كبيرة.. من هنا تلمست بشائر النجاح الذي تتمناه.

أمينة عباس